وسجن، ومدارسه تعاني من التضييق والتعطيل ألواناً متجددة، ورجاله عرضة في كل حين للمحاكمات في المحاكم الجمهورية التي تتسم بوسمتكم.
٤ - إن الشعب الجزائري قد أصبح - من طول ما جرب ومارس - لا يؤمن إلا بأركان حياته الأربعة: ذاتيته الجزائرية، وجنسيته ولغته العربيتين، ودينه الإسلامي، لا يستنزل عنها برقي الخطب والمواعيد، ولا يبغي عنها حولاً، ولا بها بديلاً.
٥ - إن الشعب الجزائري مريض يتطلع للشفاء وجاهل متوثب إلى العلم وبائس متشوق للنعيم، ومنهوك من الظلم مستشرف إلى العدالة، ومستعبد ينشد الحرية، ومهضوم الحق يطلب حقه في الحياة وديموقراطي الفطرة والدين يحن إلى الديموقراطية الطبيعية ولكنه ليس كما يقال عنه: جائع يطلب الخبز فإن وجده سكت.
٦ - لا يسيغ منطق ولا عقل كيف تكون الوحدة بين سيد وبين مسود، وكيف تتصور بين حاكم مزهو بعصبية جنسية تظاهرها عصبية دينية وبين محكوم؟ وكيف تتفق في وطن ساكنوه صنفان وقوانينه صنفان؟ وكيف تتم في بلد كنيسته حرة وبيعته حرة ومسجده مستعبد؟
إن المتمعن في محتوى هذه الوثيقة يدرك، بكل سهولة، أن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين لم تعد تكتفي بالبرنامج المسطور في قانونها الأساسي، بل إن تجربتها الطويلةفي مجالات التربية والتعليم والإصلاح الديني قد جعلتها تدخل عالم السياسة لعلمها بأن الإصلاح لا يستقيم إلا إذا كانت السلطة وراءه، ولا سلطة إلا لمن كان في الحكم، لأجل ذلك، نراها تتعمد توضيح مجموعة من المفاهيم التي يأتي في مقدمتها العدل الذي هو أساس الملك والحق في الحياة الذي نعبر عنه اليوم بحقوق الإنسان، والديموقراطية التي تتنافى مع الممارسات الاستعمارية وتعريف الشيوعيين الجزائريين لها. (١٢).
وإذ تدعو إلى التمسك بهذه المفاهيم بعد توضيحها وإلى التركيز على ما أسمته بالأركان الأربعة لحياة الشعب الجزائري، فإنها لم تتردد في الجهر بمعاداتها للاتحاد الفرنسي الذي يتناقض مع العقل والمنطق إذ لا يمكن للمظلوم المستبد به أن يتحد مع ظالمه والمستبد به. ومما لا ريب فيه أن مناهضة فكرة الاتحاد الفرنسي تعتبر موقفاً سياسياً داعماً لموقف حزب الشعب الجزائري الذي يرى أن الحل الوحيد للمشكل الجزائري إنما يكمن في استرجاع الاستقلال