الوطني كاملاً غير منقوص، فذلك وحده هو الذي يعيد الاعتبار للإنسان الجزائري ويعيد الحرية للمسجد ويعتق الأوقاف التي تضمن حرية الفكر وازدهار الثقافة.
وخصص الشيخ محمد البشير الإبراهيمي سنة ١٩٥٠ كلها لتعميم ايديولوجية جمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي يمكن تلخيص منطلقاتها في العمل على تحرير المجتمع الجزائري من آثار الغزو الاستعماري الذي جند أربع وسائل لتقويض أركان الدولة الجزائرية التي كانت قائمة قبل اتفاقية الخامس من يوليو سنة ١٨٣٠.
تتمثل الوسيلة الأولى التي عمد إليها الاستعمار لإلغاء الدولة الجزائرية وحذفها من رقعة الخلافة الإسلامية في الجندي الذي يعبر عن القوة العسكرية التي تعتبر "أخف الأسلحة فتكاً وأقصرها مدى". (١٢). أما الوسيلة الثانية فهي الطبيب الاستعماري الذي جيء به إلى الجزائر"، ليداوي علة بعلل، ويقتل جرثومة يخلق جراثيم ويجرب معلوماته في أبناء الجزائر كما يجربها في الأرانب". (١٣). ويمثل المعلم الاستعماري الوسيلة الثالثة التي اعتمدتها فرنسا "لتفسد على أبناء المسلمين عقولهم، وتستنزلهم عن لغتهم وآدابهم وتشوه لهم تاريخهم وتقلّل سلفهم في أعينهم وتزهدهم في دينهم"(١٤) ثم تأتي الوسيلة الرابعة ممثلة في الراهب "يفتن المسلمين عن عقائدهم ويشككهم بتثليثه في توحيدهم". (١٥).
"إن الاستعمار القائم على الجندي والمعلم والطبيب والراهب هيكل حيواني يمشي على أربع ... وأن الاستعمار قد قضى بواسطة هؤلاء الأربعة علىعشرة ملايين من البشر، فرمى مواهبهم بالتعطيل، وعقولهم بالخمود، وأذهانهم بالركود، وأفكارهم بالعقم"(١٦).
ولكي تتصدى جمعية العلماء المسلمين الجزائريين للنتائج المتوخاة من استعمال كل هذه الوسائل، فإنها جندت جميع إمكانياتها المادية والبشرية لتمنع الاستعمار الفرنسي من تكوين الإنسان الجزائري الذي يكون مقطوع الأسباب من جميع المسلمين ومن تكوين سلك للرهابنة يمتهنون لتوظيف الدين من أجل تأبيد الاستعمار. وفي هذا الصدد كتب الشيخ محمد البشير الإبراهيمي في افتتاحية البصائر الصادرة في عددها الخامس بعد المائة: "واضيعتاه! ... وواذلاه! ... أفي الوقت الذي تتشوق فيه الأمم المتحدة كلها إلى نيل حقوقها السياسية، وحريتها وحقها في الحكم الذاتي والتصرف المطلق، وفي