في البداية، كان الحزب الشيوعي الفرنسي يضم في صفوفه كل الشيوعيين العاملين عبر مختلف أنحاء "الإمبراطورية" التي كانت مجزاة إلى اتحاديات أو فدراليات. وكانت أهم الفدراليات في الجزائر تلك التي يوجد مقرها بمدينة بلعباس الكائنة جنوب مدينة وهران على بعد حوالي أربعمائة كلم من العاصمة.
ومن غرائب الصدف أن "سيدي بلعباس" هي في نفس الوقت مقر اللفيف الأجنبي الذي كان يضم جيشاً من المتطوعين الأجانب تأسس سنة ١٨٣١ لخدمة فرنسا وهو مكون أساساً من المشاة والمظليين ولم يغادر المدينة إلا عندما غادر الجزائر نهائياً سنة ١٩٦٢.
لقد كان الشيوعيون الجزائريون يسمون مدينة سيدي بلعباس:"مكة الحمراء"، وحينما قامت الأممية يوم ٢٠/ ٥/١٩٢٢ بتوجيه نداء لتحرير الجزائر وتونس من أجل تقويض أركان الإمبريالية الفرنسية وضربها في الأعماق"، فإن اتحادية بلعباس قد نشرت لائحة صادقت عليها بالإجماع تعتبر فيها النداء" جنوناً خطيراً" وتدعو من خلالها إلى معارضة استقلال الجزائر لأن "سيادة آكلي لحوم البشر غير مرغوب فيها".
وعلى الرغم من أن الكومنترن، على لسان تروتسكي، لم يتردد في إدانة اللائحة المذكورة ووصف الشيوعيين في بلعباس بتجار الرقيق، فإن قيادة هؤلاء قد ظلت متمسكة بآرائها القائلة "بأن تحرير البروليتاريا في شمال افريقيا لا يمكن أن يتم إلا بالثورة في الوطن الأم". ولم يكن موقف قيادة الحزب الشيوعي الفرنسي أفضل من ذلك، فهي ترى، على غرار الإدارة الاستعمارية، أن الجزائريين الأصليين (الأهالي كما كانوا يسمونهم) عاجزون عن تسيير شؤونهم بأنفسهم وغير أهل للاستقلال.
ولم يحدث التغيير في استراتيجية الحزب الشيوعي الفرنسي إلا سنة ١٩٣٥ وذلك من خلال الدورية التي وقع عليها السيد Jean Chaintron المدعو ... بارتيل (Barthel(١)) والتي تعرضت بصراحة للجبهة الفرنسية اليهودية ضد "الشعب العربي" ودعت إلى تكوين جبهة مضادة تفتح صفوفها لمن كان يطلق عليهم تسمية "الإصلاحيون الوطنيون" (يعني التيار الوطني بتشكيلتيه