للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقط، لخدمة المصلحة الفرنسية غير آبهين بمصير الشعب الجزائري الذي لم يخف عنه ذلك، هو أيضاً، فراحت طاقاته الحية تلتف حول حركة "أحباب البيان والحرية" التي ترأسها السيد فرحات عباس، في ذلك الوقت، والتي جاءت كرد فعل على أمرية الجنرال ديغول وشاركت فيها، فعلياً، كل تيارات الحركة الوطنية.

لقد أنشئت الحركة المذكورة يوم ١٤/ ٣/١٩٤٤ من أجل الدفاع عن "بيان

الشعب الجزائري" وللمطالبة "بحق جميع الجزائريين في ممارسة الحرية وللمساهمة في تكوين إنسانية جديدة تكون فيها كل الشعوب حرة وموحدة طبقاً لما أوصى به مؤتمر رابطة حقوق الإنسان المنعقد سنة ١٩٣١" (١٢) ولمزيد من الوضوح، جاء في المادة الرابعة من القانون الأساسي للحركة أن هذه الأخيرة تسعى بجميع الوسائل لتعميم فكرة الأمة الجزائرية ولتتأسس، في الجزائر، جمهورية مستقلة متحدة مع الجمهورية الفرنسية المتجددة والمناهضة للاستعمار وللإمبريالية" (١٣).

ولم يكن الحزب الشيوعي الجزائري مستعداً لتبني فكرة الجمهورية الجزائرية المستقلة، ولا ليقبل بغير التطور في إطار الإمبراطورية الفرنسية حلاً للمشكل الجزائري الذي هو مجرد مطالبة بالخبز وبالحقوق المادية، أما الحديث عن استرجاع الاستقلال فهو عين الديماغوجية لأن الجزائر لا يمكن أن تكون إلا تابعة لقوة خارجية (١٤). لأجل ذلك، فإنه رفض عرض السيد فرحات عباس فيما يخص الانضمام إلى "حركة أحباب البيان والحرية" معبراً عن إدانته لها باعتبارها "وكر للمغامرين والوطنيين المزيفين" (١٥).

ولم يكتف الشيوعيون الجزائريون بعدم الانضمام إلى حركة "أحباب البيان والحرية" بل إنهم سارعوا إلى تأسيس حركة مضادة أسموها: "أحباب الديموقراطية"، ضبطوا لها مجموعة من الأهداف تأتي في مقدمتها محاربة الانفصاليين وتعبئة المسلمين الجزائريين في سبيل تحرير فرنسا" (١٦).

وقد ذهب السيد عمار أوزقان إلى أبعد من ذلك عندما قال عن أقطاب الحركة الوطنية: "إنهم تخلوا عن حمار النازية ليركبوا باخرة الميثاق الأطلسي" (١٧). وفي مناقشات الندوة المركزية التي نظمها الحزب الشيوعي الجزائري يوم ٢٣/ ٠٩/١٩٤٤ صرح نفس السيد أوزقان: "إن مصلحة الجزائر لا تكمن في الانفصال عن فرنسا الجديدة، لأن الاستقلال مستحيل وهو لا يخدم سوى إمبرياليات أجنبية أخرى". وفي ذات الندوة أكد الأمين العام للحزب الشيوعي

<<  <  ج: ص:  >  >>