للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العرب هي أول محطة أعلنت عن ميلاد جبهة التحرير الوطني، وبشرت بالنصر المبين، ودعت إلى اللحاق بركب المقاتلين، منددة بالقاعدين والمترددين، ثم أن مصر كانت، سنة ١٩٥٤، ما زالت تعيش في هيجان الثورة وحماسها، تلك الثورة التي رفعت كشعار لها، منذ البداية، خدمة القومية العربية والدفاع عنها أينما وجد أبناؤها.

ومن جهته، فإن السيد ميسكاتلي، ممثل ولاية الجزائر العاصمة في مجلس الشيوخ الفرنسي، قد صرح بأن الأحداث التي تهز المستعمرة منذ ثلاثة أيام ماهي إلا دلالة واضحة على التضامن الوطيد بين مختلف الحركات الوطنية التي تشوش شمال إفريقيا بأسره، بل أن مايتم في واحد من أقطار المغرب، إنما هو باتفاق الجميع ومن تخطيط كل القيادات المتمردة على السيادة الفرنسية (١).

أما الوالي العام، السيد روجي ليونار، فإنه أبدى اندهاشه أمام التناسق الذي تمت به العمليات عبر مختلف أنحاء البلاد، وراح يؤكد أن كل القرائن تثبت بأن عناصر أجنبية هي التي خططت وهي تقود التمرد قصد تجنيد الرأي العام بمناسبة انعقاد الدورة العادية للأمم المتحدة، والتمكن من فتح ملف المغرب العربي أمام تلك الهيئات الدولية.

وعلى العكس من الوالي العام، فإن السيد مارسيل أدموند نايجلن السابق الذكر، لم يندهش لما وقع، بل ذكر أنه كان دائماً يقول: "إن الجزائر لا يمكن أن تبقى غريبة عما يجري في المغرب الأقصى وتونس" (٢)، ثم حدد خطة للعمل تهدف إلى خنق الثورة في مهدها، وحصرها في نقطتين: تتمثل الأولى في الشروع في تطبيق قانون الجزائر الذي سبقت الإشارة إليه، وتتعلق الثانية بتنمية الخدمات الاجتماعية، وخاصة محاربة البطالة في أوساط الأهالي لصدهم عن الانضمام إلى صفوف جبهة التحرير الوطني.

وخارج الجزائر، فإن "بريد المغرب" قد علق على أحداث الفاتح من نوفمبر بما يلي:

إن الوطنيين يعتقدون أنهم سيسيطرون على عمليات الإرهاب، ولكنهم غالطون، لأن ذلك سوف يتعداهم لفائدة الشيوعيين. (٣)

وكانت الجملة الأخيرة بمثابة الإيحاء، لأن الشيوعية سوف تصبح من


(١) Ladépêche de Constantine: العدد الصادر بتاريخ ٠٢/ ١١/١٩٥٤.
(٢) نفس المصدر.
(٣) "بريدالمغرب"، الصادر بتاريخ ٢ نوفمبر ١٩٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>