للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول من الثورة قد ساهمت مساهمة فعالة، وبطريقة عفوية، في تزويد جبهة التحرير الوطني بالكثير من المنخرطين الجدد، كما أنها ساعدت على نشر الرعب في نفوس الأوربيين والتشكيك في كل مايمكن أن يصدر عن الهيئات الرسمية.

وبالفعل، فإن حملة الإيقافات العشوائية قد دفعت الكثير من المترددين إلى تغيير مواقفهم والالتحاق بالجبال، هروباً من السجون ومراكز الاستنطاق (١). ومن الجانب الآخر، فإن المعمرين لم تعد لهم أدنى ثقة فيما تصدره صحافتهم من بيانات رسمية، خاصة، وأن تلك البيانات كانت قد ذكرت، في البداية بأن عدد المتمردين لا يتجاوز ثلاثمائة أو أربعمائة شخص، يوجد جلهم في منطقة الأوراس.

وبعد نهاية الأسبوع الأول من نوفمبر أفادت بأنه ألقي القبض على حوالي ألف من "الإرهابيين" (٢) وبأن العمليات العسكرية الحقيقية سوف تدخل مرحلتها الحاسمة في الأيام المقبلة.

*على هذا الأساس، صار الأوروبيون والذين يقرأون الجرائد بصفة عامة يتساءلون عمن هم هؤلاء الذين تم اعتقالهم. وهل السلطات الاستعمارية تعرف العدد الحقيقي للثوار العاملين في سائر أنحاء الجزائر؟ وإذا كانت السلطات الرسمية لا تستطيع الإجابة المقنعة عن هذين السؤالين، فهل يحق للمعمرين أن يثقوا بقدرتها على حمايتهم والدفاع عن ممتلكاتهم، فضلاً عن ثقتهم بقدرتها على تخليص البلاد من ذلك السرطان الذي يهدد الكيان الاستعماري في أساسه؟

ولاسترجاع تلك الثقة المفقودة والضرورية لخوض المعركة، ركزت السلطات الفرنسية على جانبين رئيسيين من جوانب الإعلام والتوجيه: فمن ناحية سلطت الأضواء على حياة بعض الثوار ممن لهم "ماض إجرامي أو علاقات مشبوهة مع القضاء" وذلك للتقليل من قيمة جبهة التحرير الوطني، وحتى يتخلف أبناء العائلات الكريمة عن الالتحاق بصفوف المجاهدين، ومن جملة ما نشرته جريدة "صدى الجزائر": أن جيش التحرير المزعوم يضم من بين قيادات أركانه شخصيات بارزة يمكن أن نذكر من جملتها: الشهير قرين بلقاسم بن بشير الذي يبلغ من العمر سبعاً وعشرين سنة ويجر وراءه سوابق عدلية لا تقوى الجبال على حملها. لأجل ذلك، فإنه لا مجال للدهشة عندما نعلم


(١) المنظمة الوطنية للمجاهدين، أشغال المؤتمر لكتابة التاريخ، الجزائر ١٩٨١، ج١، ص ١٠٧.
(٢) نفس المصدر، ص ١٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>