للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتنص المادة الأولى من وثيقة حالة الطوارئ على أن الإجراء الجديد "يمكن تطبيقه على كل أو على جزء من تراب "الوطن الأم" والجزائر أو عمالات ماوراء البحار، ويكون ذلك سواء في حالة وقوع خطر داهم نتيجة اضطراب الأمن العام، أو في حالة وقوع حوادث تتسم بطابع الكارثة العمومية نظراً لنوعها وخطورتها" (١).

ومامن شك أن الغموض والتقييم في هذه المادة مقصودان لتتمكن الحكومة من ممارسة الظلم والاضطهاد في كل مكان يمكن أن ترتفع فيه أصوات الدفاع عن الديمقراطية والحرية.

وبمجرد ما وضعت حالة الطوارئ حيز التنفيذ، دخلت الجزائر مرحلة جديدة من حياتها وأهم ماطبعت به تلك المرحلة: ظهور المحتشدات التي توخي في إنشائها اختيار المناطق النائية ليصعب الاتصال بالمجبرين على الإقامة فيها.

وكان اللجوء إلى إنشاء المحتشدات أمراً منطقياً يندرج في إطار المادة السابعة من وثيقة حالة الطوارئ، والتي تشير إلى أنّه في استطاعة وزير الداخلية في جميع الحالات والوالي العام في الجزائر. أن ينفيا إلى أية دائرة ترابية، أو إلى أي مكان محدد كل شخص يبدو نشاطه خطيراً على الأمن والنظام العام.

وعلى الرغم من أن الوثيقة تنص في مكان آخر على أن النفي لا يؤدي إلى إنشاء المحتشدات، إلا أن ذلك لم يحترم ولم يكن بالإمكان احترامه لأن نفي مئات الأشخاص إلى مكان واحد يتطلب إمكانيات جبارة للقيام بالرقابة اليومية ولتوفير الأكل والسكن.

لأجل ذلك كانت السلطات الاستعمارية مضطرة لإقامة المعسكرات، متبعة في ذلك أساليب النازيين أثناء الحرب الامبريالية الثانية.

ولئن كانت المحتشدات في ظاهرها نقمة على الجزائريين فإنها في الحقيقة قد ساعدت، كثيراً، على نشر مبادئ وأهداف جبهة التحرير الوطني. إذ سرعان ما تحولت إلى منابع لاتنضب تزود روافد الكفاح المسلح سواء في الريف أو في المدينة.

وقد استغلت الإطارات السياسية تلك التجمعات الهائلة لتنظيم الدروس


٣ - مراقبة الصحافة والنشر الثقافي.
٤ - إحلال القضاء العسكري محل القضاء المدني في بعض الحالات.
(١) Comité de vigilance des étudiants, les pouvoirs spéciaux Lyon ١٩٥٥.٠٤

<<  <  ج: ص:  >  >>