للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستعجالية في كافة الميادين، ولتعد الذهنية الجزائرية للتكيف مع الأوضاع الجديدة المفروضة على البلاد.

ومن الأكيد أن مستوى الوعي والإدراك لدى الجماهير الجزائرية قد ارتفع بنسبة عالية، جداً بفضل ماقدمته المحتشدات من معرفة، ماكان بالإمكان نقلها بمثل تلك السرعة، إلى مثل تلك الجموعات الهائلة. (١). ذلك أن كل من يخلى سبيله، ويرجع إلى ذويه، يتحول، تلقائياً، إلى داعية متشبع بالعقيدة، قادر على الإقناع.

وهكذا، نستطيع القول إن حالة الطوارئ التي كان المقصود منها شل الحركة النضالية وإخماد النشاط الثوري، قبل استفحاله، قد أتت بنتائج عكسية سيكون لها مفعول كبير في صقل روح المقاومة، خاصة عند النخبة من أبناء الشعب الجزائري.

أما السلطات الاستعمارية، فإنها لم تكتفِ بسن حالة الطوارئ، ولكنها راحت تبذل كل مافي وسعها لخلق الظروف الملائمة لتطبيقها على أكبر عدد ممكن من دوائر وبلديات الوطن الجزائري.

ففي هذا النطاق، افتعلت الأخبار والإشاعات التي مفادها "أن المتمردين، في جبال أوراس، قد تلقوا، عن طريق الجو، الأسلحة التي أرسلتها دول أجنبية قصد إغراق البلاد في بحر من الفوضى والاضطراب وانعدام الأمن، ومن أجل زرع الشقاق بين الأشقاء وتوسيع هوة الخلاف بينهم" (٢).

ومثل هذا الوضع يشكل، بالطبع، سبباً متيناً لتطبيع حالة الطوارئ.

ونشرت الصحافة أن المملكة الليبية ومصر هما اللتان تحركان التشويش وتدعمان التمرد من أجل الانفصال عن "الوطن الأم"، لأنهما غير راضيتين عما حققته الجزائر الفرنسية من تقدم وازدهار.

ونقلت الصحافة، كذلك، نبأ إلقاء القبض على الملازم العراقي: محمد حمادي عبد العزيز، وهو يحارب إلى جانب الثوار بالقرب من بوغني. ثم خصصت أهم الأعمدة لنشر تصريحاته التي تحذر الجزائريين مما تبثه إذاعة "صوت العرب" من أكاذيب حول الوجود الفرنسي في الجزائر، مؤكداً أن حالة


(١) هناك أعداد كبيرة من المعتنقين الشباب تمكنوا من التحصيل العلمي واستطاعوا الاستقلال أن يشاركوا في المسابقات الخاصة بالدخول إلى الثانويات والجامعات.
(٢) انظر، صدى الجزائر، بتاريخ ٠٩/ ٠٤/١٩٥٥ ومابعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>