للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسبدو نفس حالة الطوارئ التي كانت مفروضة على الشرق الجزائري (١).ولتنظيم العمال الجزائريين في فرنسا، وإشراكهم في الكفاح المسلح، اتجه السيد محمد بوضياف إلى زوريخ حيث استدعى السيد مراد تربوش (٢) وزوده بالتعليمات اللازمة لبعث جبهة التحرير الوطني بفرنسا في مرحلة أولى وبأوربا في مرحلة ثانية.

ولقد كانت المهمة صعبة ومعقدة، خاصة وأن مصالي الحاج كان يسيطر، كلية، على كافة المناطق هناك، وأن مناضلي، حركة الانتصار للحريات الديمقراطية في فرنسا كانوا يقدسون الزعيم ولا يرضون بغيره بديلاً، كما أنهم أخبروا في تلك الأيام الأولى من نوفمبر بأن القيادة العليا للحزب هي التي أشعلت فتيل الثورة، ومن ثم لا يمكن أن يصدقوا ماقد يأتي به تربوش حتى لو كان من المسؤولين الموثوق بهم.

وعلى الرغم من كل الصعوبات، استطاع القائد الأول لفدرالية جبهة التحرير الوطني في فرنسا أن يجند مجموعة أولى من خمسة أشخاص، كان كل منهم مسؤولاً عن واحدة من قسمات حركة الانتصار للحريات الديمقراطية، وأمرهم بالبدء، في تكوين الخلايا التي ينبغي أن يزيد عدد أعضائها عن الخمسة مناضلين، كما أمرهم بنسخ نداء الفاتح من نوفمبر وتعميمه وماكاد يحل شهر مايو سنة ١٩٥٥ حتى صارت جبهة التحرير الوطني تضم في صفوفها حوالي مائتي مناضل كلهم مستعدون للشروع في العمل الفدائي، لكن الحركة الوطنية الجزائرية كانت وماتزال متواجدة في معظم النواحي، لذلك قرر السيد محمد بوضياف الاستمرار في عملية الهيكلة. وحتى هذه الأخيرة، فإنها سوف تتعثر لأن مصالح الأمن الفرنسية ستلقي القبض على تربوش وبعض أعضاء اللجنة العاملين معه. تم ذلك يوم ٢٦ ماي من نفس السنة.

وفي القاهرة، فإن المندوبية، المكونة في بداية الأمر، من ثلاثة أشخاص (٣)


(١) انظر البرقية التي تحمل رقم ٠٠٦٨٦ والتي وجهها سوستيل إلى القائد الأعلى للجيوش الفرنسية العاملة في الجزائر لقد جاء في تلك البرقية، أؤكد موافقتي على تمديد حالة الطوارئ إلىكافة عمالة قسنطية، وكذلك إضافة البلدتين المختلطتين في غنية وسبدو وبعمالة وهران على الحدود المغربية:
انظر: SOUSTELLE (J) Aimée et souffrante Algérie . Paris ١٩٥٦, p ٩٨.
(٢) إذا ما استثنينا السيد محمد بوضياف، فإن مراد تربوش هو أول مسؤول لاتحادية جبهة التحرير الوطني في فرنسا، ظل يقودها أكثر من عام كامل، ويعود الفضل إليه في إرساء قواعدها، وتوفير الشروط الموضوعية لتطورها.
(٣) محمد خيضر، حسين آيت أحمد، وأحمد بن بلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>