للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تخص ميداناً دون آخر، بل إنها تشمل جميع مجالات الحياة وتمتد على كافة التراب الوطني حسب الحدود المرسومة من قبل السلطات الاستعمارية نفسها. لأجل ذلك. فإن ميثاق وادي الصومام قد عالج مسألة التفاوض مع العدو بكيفية دقيقة ومفصلة لا تترك أي منفذة للتحاليل وللمناورات.

وعندما ينظر الدارس بتمعن إلى الأهداف المذكورة أعلاه يجد أنها مترابطة فيما بينها ومتكاملة، ذلك أن السيادة الوطنية تفقد كل معناها إذا كان الشعب مطعوناً في وحدته مصاباً بداء التقسيم والفرقة اللذين يكونان نتيجة لو فتح المجال لأطراف أخرى تتحدث باسم الشعب الجزائري. مع العلم أن التمثيل مطلقاً في مثل هذه الحالة لا يكون مجدياً. إلا إذا كان الممثل قوياً ويملك بين يديه وسائل حقيقية ولتوجيه الأحداث في الاتجاه الذي يقطع على العدو خطوط الرجعة، ويفرض عليه الالتزام بالإطار المرسوم للتفاوض.

على هذا الأساس، أكدت وثيقة وادي الصومام ضرورة مضاعفة الجهد من أجل إعادة تنظيم الجماهير الشعبية في الأرياف وفي المدن وإعدادها عن طريق التوعية والترشيد لتجاوز دائرة التخلف التي وضعها فيها الاستعمار وللتخلص من الذهنيات المتحجرة التي ألصقها بها وأنماط الحياة التي فرضت عليها والتي تهدف فقط إلى إبقائها في حالة الغيبوبة والتبعية الدائمتين.

فالمجالس الشعبية التي شرع في إنشائها منذ الأشهر الأولى لاندلاع الثورة (١) يجب أن يتم تدعيمها وتوسيع شبكتها بحيث تشمل كافة أنحاء الوطن وأن تسند إليها مسؤوليات تجعلها أكثر فعالية وأكثر اتصالاً بالجماهير الشعبية. فالمجلس الشعبي الواحد أصبح يتكون قانونياً من خمسة أعضاء بما في ذلك الرئيس، ويشرف على تسيير الحالة المدنية والمالية والاقتصادية والشرطة.

وبعابرة أدق، فإن المجلس الشعبي حيث ما وجد يحل محل الإدارة الاستعمارية التي يجب أن تزول نهائياً وتزول اتصالاتها بالأوساط الشعبية (٢).

لقد نجحت المجالس فعلاً في أداء مهمتها إذ استطاعت خاصة أن تقضي قضاءً مبرماً على النزاعات التي كانت قائمة بين الأعراش والأفراد والتي كانت السلطات الاستعمارية تحبذها كي تبقى دائماً مصدر ضعف بالنسبة للمتنازعين ومنفذاً يسمح للمحتل وأعوانه بالتمركز أكثر لمواصلة العبث بمصير المواطنين.


(١) المنظمة الوطنية للمجاهدين، أشغال المؤتمر الأولى لكتابة التاريخ، ص ١٨٥.
(٢) نفس المصدر.

<<  <  ج: ص:  >  >>