للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مندوبية الخارج واتحادية جبهة التحرير الوطني في فرنسا أدركنا شرعية تخوف المعارضين للمبدأين.

لكن السيد عمار بن عودة (١) يذكر أن التخوف المشار إليه سرعان ما تبدد عندما أعطيت التفسيرات التي مفادها أن المقصود بأولوية السياسي العسكري هو التركيز على التفاوض مع العدو لضبط شروط وقف إطلاق النار، لأن الانتصار العسكري على واحدة من أكبر الدول الاستعمارية في العالم يُعد من باب المستحيلات تقريباً خاصة إذا كانت تلك الدولة عضواً فاعلاً في منظمة الحلف الأطلسي (٢).

والحقيقة أن التفسيرات المذكورة إنما تم اللجوء إليها فقط للتهدئة ولتقديم التبريرات اللازمة لكبح النفوس وعدم الانقياد لما قد لا يحمد عقباه. فالسياسي والعسكري سواء كان عملاً أو شخصاً، شيء واحد، لأن العمل السياسي يبرمج له الرجل السياسي كما أن القائدالعسكري هو الذي يشرف على تنفيذ العمليات العسكرية التي يكون قد خطط لها. فإذا كانت الأولوية للعمل السياسي، فذلك يعني أن قرار الرجل العسكري يأتي في الدرجة الثانية كوسيلة لدعم مواقف المسؤول السياسي.

وفيما يخص أولوية الداخل على الخارج، فإن المؤتمر قد لجأ إلى إقرارها لأسباب عدة يمكن استخلاص أهمها من العرض الذي قدمه الشهيد العربي بن المهيدي إلى المؤتمرين عن المهمة التي قام بها إلى القاهرة في مستهل عام ستة وخمسين وتسعمائة وألف (٣).

فالعرض المذكور يؤكد بصريح اللفظ أن مصر لا يمكن الاعتماد عليها مطلقاً في الحصول على الأسلحة لأن موقفها من الثورة الجزائرية يخضع بقسط


(١) من أسرة عريقة في ولاية عنابة، التحق بالجبال منذ مايسمى بمؤامرة سنة ١٩٥٠. تقلد مسؤوليات كثيرة أثناء الثورة آخرها: المشاركة باسم جيش التحرير الوطني في مفاوضات إيفيان. عيّن بعد استرجاع الاستقلال سفيراً في طرابلس. عضو اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني منذ سنة ١٩٧٩. هو الآن رئيس اللجنة الوطنية لمصاف الاستحقاق.
(٢) انظر الندوة.
(٣) في مستهل تلك السنة كان ابن المهيدي قد اتصل ببرقية من مندوبية الخارج مفادها أن باخرة محملة بالسلاح ستغادر القاهرة في اتجاه مدريد، وعليه أن يتكفل بتحويل حمولتها إلى المغرب ومنه إلى مختلف مناطق الوطن. ولما طال انتظاره في العاصمة الإسبانية، رحل إلى القاهرة وهناك وجد قيادة مقسمة إلى كتل يستحيل الاعتماد عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>