للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وافر إلى نشاطها الديبلوماسي (١) كما أن مندوبية جبهة التحرير الوطني غير قادرة على أن تكون قيادة موحدة بفعل الانقسام السائد بين أفرادها الذين مازال كل منهم يبحث عن الزعامة لنفسه. ومما لا ريب فيه أن ثمة خلافات أخرى كثيرة ظهرت أثناء أشغال المؤتمر لكن أصالة ثورة نوفمبر وضعت حداً لكل مامن شأنه أن يتجاوز الخط الأحمر. وظل العمل على تعبئة كل الطاقات الحية قصد القضاء المبرم على النظام الاستعماري هو المهمة الأساسية التي تحجب جميع المهام الأخرى، لأجل ذلك، فإن المؤتمرين صادقوا بالإجماع على الخطوط العريضة التالية:

١ - إن وحدة الشعب الجزائري مقدسة وكذلك وحدة التراب الوطني، وأي تنازل عن جزء من هذه أو تلك يعد خيانة عظمى. وتعتبر جبهة التحرير الوطني هي الممثل الشرعي للشعب والقائد الوحيد للثورة التي ستظل مستمرة إلى أن يتم بكيفية مطلقة تحرير الأرض وتحرير الإنسان.

وعلى جبهة التحرير الوطني، كي تكون في مستوى المهمة المسطورة لها، أن تواصل ضرب جذورها في أعماق الجماهير الشعبية الواسعة لأن بذلك تكمن القوة التي هي في حاجة إليها لمواجهة عدة الامبريالية وعتادها.

فمن هذا المنطلق تعمل جبهة التحرير الوطني بجميع الوسائل المتوفرة لديها، على محاربة الآفات الاجتماعية مثل الرشوة والجهوية والقبلية والعشائرية والانتهازية التي تشكل مصادر ضعف قاتل وحواجز تعرقل عملية التجنيد من جهة ومساعي بناء المجتمع الثوري من جهة ثانية.

والنجاح في الارتقاء إلى ما تطلبه مستواها كحركة تحررية شاملة يحتم على جبهة التحرير الوطني أن ترسم مجموعة من الضوابط تلتزم بها في سعيها الدائب من أجل تحويل الجماهير الشعبية إلى طاقة خلاقة تتعدى وقف إطلاق النار لتهز أركان التخلف وتشق طريق الانتصار لعملية البناء والتشييد في كافة المجالات وعلى جميع الأصعدة. ومن جملة الضوابط التي صادق عليها مؤتمر وادي الصومام تجدر الإشارة إلى سياسة الإطارات وسياسة الإعلام وسياسة تنظيم الشرائح الاجتماعية المختلفة.

فبالنسبة لإطارات الثورة يرى المؤتمر ضرورة تمكينهم من تكوين سياسي وإيديولوجي يتسلحون به لقيادة الجميع، كل حسب قدرته واختصاصه، في


(١) نفس زيارة ابن المهيدي إلى القاهرة كشفت له بأن باخرة الأسلحة لم تبحر الزيارة التي يؤديها وزير الخارجية الفرنسي إلى مصر في شهر مارس سنة ١٩٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>