معركة حاسمة ضد واحدة من أعتى القوات الاستعمارية في العالم.
وإذا كان الإطار يعرف أنه القدوة الحسنة للذين يسعى إلى تعبئتهم في شتى الميادين، فأنه مطالب بأن يكون مضرب المثل في التحلي بروح المسؤولية والامتثال للقوانين السائدة في صفوف جبهة التحرير الوطني، وبأن يكون سباقاً إلى التضحية، دقيقاً في تطبيق المبادئ ومنضبطاً في تأدية الواجب، وزيادة على ذلك، فإنه لا يعرف التهاون ولا يركن إلى ما تقوم به. لكن الثورة، لكي تحميه من الانحراف، تفرض عليه رقابة مشددة وتحتم عليه أن يكون يقظاً في جميع الحالات.
أما عن الإعلام، فإن ميثاق وادي الصومام يرى أن وسائله يجب أن تكون قادرة على الرد بسرعة عن مناورات العدو إلى تأبيد التقسيم ونشر أسباب الخلاف والنزاع في أوساط الجماهير قصد عزلها عن جبهة التحرير الوطني. ذلك فإن رجل الإعلام ينطلق من كون الدعاية "ليست مجرد تهريج يتميز بعنف الكلمة العقيمة في غالب الأحيان والتي تذهب هباء منثورا، وبما أن الشعب الجزائري أصبح ناضجاً للقيام بالعمل المسلح الإيجابي والمثمر، فإن لغة جبهة التحرير الوطني يجب أن تكون معبرة عن رشدها وذلك بجعلها تتخذ شكلاً جدياً ومتزناً دون التجرد من الحزم والصراحة والحماس الثوري"(١)، إن رجل الإعلام، في منظور جبهة التحرير الوطني، لا يقتصر على تلقي الأخبار وصياغتها ونشرها في أوساط الشعب ولكنه يجب أن يكون سريع البديهة واسع المعرفة وذا قدرة فائقة على الاستيعاب والتحليل والتميز.
فالأخبار تأتيه مواد خام وهو يسهر على فرزها وقولبتها حسب ما تطلبه الظروف وتقتضيه المصلحة. ومن هذه الناحية فهو عبارة عن موجه للرأي العام وصانع للأجواء السياسية خاصة، لأجل ذلك يجب أن تتوفر فيه شروط أساسية أهمها التشبع بإيديولوجية جبهة التحرير الوطني والاستعداد للتضحية بكل شيء من أجل تجسيدها على أرض الواقع.
لقد لاحظ مؤتمر الصومام أن الثورة قطعت خطوات حاسمة في تاريخها، وأنها أصبحت في حاجة إلى تعميم فلسفتها عن طريق التعليمات والشعارات، وعليه قرر مضاعفة عدد المراكز الإعلامية وتزويدها بكل ما تحتاج إليه من إمكانيات مادية وبشرية حتى تكون قادرة على تأدية الرسالة المنتظر منها
(١) EL. MOUDGAHID, Organe central du FLN (Une revolution democratique) No ١٢ du ١٥.١١.١٩٥٧.