للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفلاح الجزائري الذي عرف، في الوقت المناسب، كيف يفشل سياسة الأهالي التي حاول المستعمر تطبيقها لتقسيم المواطنين إلى عرب وبربر متنافرين ومتماقتين، لن ينخدع لهذه المحاولة الجديدة خاصة وأنه يدرك بأن "الإصلاح الزراعي الحقيقي لا ينفصل عن الهدم الكلي للنظام الاستعماري". (١)

فهذا الوضع الجديد الذي آل إليه الريف الجزائري هو الذي جعل المؤتمرين يدعون جبهة التحرير الوطني لبذل أكبر مايمكن من الجهد لمساعدة الفلاحين على تنظيم أنفسهم في إطار سياسة وطنية عادلة ترمي إلى:

أ - تغذية الحقد الشديد على الاستعمار الفرنسي وإدارته وجيشه وشرطته وعلى الخونة المتعاونين معه.

ب - تكوين احتياطي بشري يتزود منه جيش التحرير الوطني والمقاومة بصفة عامة.

ج - نشر عدم الاستقرار في البوادي والعمل على خلق الشروط الموضوعية اللازمة لدعم المناطق المحررة وافتكاك مناطق جديدة من العدو.

٣ - وإذا كانت الأرياف قد اندمج سكانها، منذ البداية، في صفوف جبهة التحرير الوطني محرزة بذلك على مكانة خاصة في تركيبة الثورة، فإن عمال المدن قد أسسوا تنظيماً نقابياً وطنياً أسموه الاتحاد العام للعمال الجزائريين، وكان ذلك في اليوم الرابع والعشرين من شهر فيفري سنة ستة وخمسين وتسعمائة وألف.

إن مؤتمر الصومام قد بارك، في محاضره، ميلاد الاتحاد الذي رأى فيه "تعبيراً عن رد فعل سليم قام به العمال الجزائريون ضد التأثير المُشّل الذي يصدر عن مسيري الكونفدرالية العامة للشغل والقوات الشغيلة والكونفدرالية الفرنسية للعمال المسيحيين" (٢) وأوصى بأن تولي جبهة التحرير الوطني عناية خاصة بالمولود الجديد حتى يشتد عوده وتتدعم هياكله.

لقد كانت حقوق العمال الجزائريين في بلادهم مهدورة، ولم يكن في مقدور أغلبيتهم المطالبة بأكثر مما يتكرم به أرباب العمل من الكولون الذين كانوا يقومون بالتوظيف وبالفصل كيفما يشاؤون ولم يكن في وسع التنظيمات النقابية الوقوف في وجه تلك التصرفات الاستبدالية نظراً لما كان للمعمرين من نفوذ


(١) المجاهد، العدد الخاص، ص ٦٨.
(٢) المجاهد، العدد الخاص، ص ٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>