للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سواء في مستوى الولاية العامة أو في أوساط الدوائر الحاكمة في العاصمة الفرنسية.

أما الجزائريون المغتربون، فإن كثيراً منهم قد هاجر وفي نفسه ذلك الخوف من الطغيان، وذلك الشعور بالعجز عن المقاومة، ولذلك فإنهم كانوا يبذلون كل مافي وسعهم للبقاء بعيدين عن الجو النقابي، وعندما تبدد الإقامة مخاوفهم، فإنهم يجرون، كأصوات في البداية، إلى مختلف التشكيلات النقابية، وهناك من استطاع أن يتحول، بسرعة أحياناً، من مجرد صوت إلى مسؤول فاعل ومحرك للجماهير.

فمن بين هؤلاء المسؤولين الذين اكتسبوا تجربة ميدانية وتسلحوا بوعي سياسي عال، برزت تلك الطليعة التي أنشأت، رغم الصعوبات والعراقيل، مركزية نقابية تهدف إلى لمّ شمل العمال الجزائريين داخل التراب الوطني وخارجه من أجل تحسيسهم بالواقع الوطني الجديد، وتزويدهم بإطار تنظيمي يتدربون فيه على تحمل مسؤولياتهم ويتجندون داخله ليكونوا الخزان الحقيقي الذي يمول جيش وجبهة التحرير الوطني بكل ما يحتاجان إليه من إمكانيات مادية وبشرية.

*إن الطابع الوطني الذي اكتساه الاتحاد منذ تأسيسه، قد ساعد كثيراً على التخلص من الهيمنة الأجنبية وبذلك وجد نفسه، إذ يدافع عن حقوق أعضائه، إنما يدافع عن مصالح الأمة الجزائرية جمعاء. ويرى مؤتمر وادي الصومام أن التنظيم الجديد قادر على القيام بدور إيجابي في معركة التحرير الوطني لأسباب يعددها كالآتي (١).

أ - أن قيادة الاتحاد لا تتشكل من عناصر منبثقة عن الأقلية الأوربية التي تتعرض للظلم الاستعماري، ولكنها مكونة من إطارات وطنية يدفعها وعيها الشديد إلى محاربة الاستغلال الاجتماعي من جهة والتميز العنصري من جهة ثانية.

ب- أن العمود الفقري لتلك القيادة ليس مكوناً من الارستقراطية العالمية التي تشمل الموظفين وعمال السكة الحديدية، ولكنه منبثق عن الطبقات الأكثر حرماناً مثل عمال الموانئ والمناجم والصناعات الزراعية.

ج - أن العمل الثوري قد أصبح حقيقة وهو قادر على توفير الشروط الموضوعية اللازمة لتحقيق التآخي الذي لابد منه لصنع الأداة القوية


(١) نفس المصدر، ص:٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>