للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتسعمائة وألف، وبدأ ذلك بالإعتداء على مبادئ التسيير التي وضعها مؤتمر وادي الصومام وخاصة مبدأ القيادة الجماعية عندما قرر ثلاثة من أعضاء لجنة التنسيق والتنفيذ إعدام رفيق لهم دون، الرجوع إلى باقي أعضاء اللجنة ودون تقديم أي مبرر غير الجري وراء السلطة.

إن إغتيال عبان رمضان في شهر ديسمبر عام ١٩٥٧ قد تسبب في تجميد نشاط لجنة التنسيق والتنفيذ لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر، وفي زرع بذور الشك في أذهان مختلف العناصر القيادية إلى درجة أن الثقة المتبادلة اختفت نهائياً. وقد إنعكس ذلك سلباً على سائر نشاطات جبهة التحرير الوطني وجعل معظم الطاقات تتصرف إلى الإحتراس من الآخر والتفنن في إيجاد وسائل الأمن الفردية، وفي نفس الوقت كانت السلطات الاستعمارية تقيم حاجز موريس (١) وتعمل على دعمه بخط شال.

وإبتداء من الفصل الأول لسنة ثمان وخمسين وتسعمائة وألف أصبح الحاجز مستحيل الإجتياز إلا إذا وافقت وحدات جيش التحرير الوطني على ترك ثلاثة أرباعها في الميدان مقابل ربع قد يصل إلى الأراضي الجزائرية، ورغم كل ذلك فإن السيد كريم بلقاسم ظل يوهم القيادة بأن الأسلاك المكهربة لا تشكل صعوبة تذكر في وجه قواتنا المقاتلة. (٢)

لكن ذلك لم يكن هو رأي مسؤول التسليح العقيد وأعمران الذي وجه إلى لجنة التنسيق والتنفيذ تقريراً يحمل تاريخ الثامن من شهر جويلية سنة ثمان وخمسين وتسعمائة وألف جاء فيه: "أن جيش التحرير الوطني الذي بلغ أوجه قوته من حيث العدد والسلاح يصاب حالياً بخسائر فادحة، إذ فقد في ظرف شهرين فقط أكثر من ستة آلاف مجاهد في منطقة عنابة وحدها. وإذا كنا في العام الماضي قد أوصلنا إلى الداخل أسلحة كثيرة، فإن تجديدها وتزويدها بالذخيرة قد أصبح الآن صعباً جدّاً بسبب الأسلاك المكهربة وما تتضمنه


(١) شرع في بناء خط موريس في شهر جوان ١٩٥٧ وهو مزدوج من الأسلاك الشائكة المكهربة يمتد من البحر الشرقي في مدينة عنابة إلى قرية نقرين بوادي سوف على بعد حوالي عشرين كلم فقط من الأراضي التونسية ويهدف إلى سد المنافذ الجبلية المقابلة لقواعد جيش التحرير الوطني. وأما على الحدود الغربية فهو مقسم إلى شمالي بسد الأطلس التلي في مواجهة مدينة وجدة وجنوبي بسد الأطلس الصحراوي في مواجهة فقيق.
(٢) المجاهد، العدد ٢٣ ص٤٣٩ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>