للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجواتها من حقول الألغام" (١).

وإلى جانب خط موريس كانت هناك الظاهرة الديغولية التي عم مفعولها البسيكولوجي مختلف أنحاء الجزائر ابتداءً من الثالث عشر من ماي سنة ثمان وخمسين وتسعمائة وألف. فالدعاية الإستعمارية إستطاعت في ظرف قصير جداً أن تثبت في أذهان المواطنين الجزائريين عظمة الجنرال ديغول وقدرته على تسوية المشكل الجزائري واستعداده لتحقيق السلم في ربوع البلاد، ولم ينجوا من تأثير هذه الغاية حتى بعض كبار المسؤولين في جبهة التحرير الوطني وفي التنسيق والتنفيذ بالذات (٢).

إن الجنرال ديغول يعدّ من أعظم الرؤوساء الذين عرفتهم فرنسا، ما في ذلك شك، وعظمته هي بالضبط ما يكذب الدعاية الاستعمارية المذكورة، وقد أورد هو نفسه في مذكراته ما يدعم قولنا هذا عندما توقف طويلاً عند المسألة الجزائية مؤكداً ((رجالاً تاريخيين أمثال دويرمون (٣) وبيجو (٤) وكلوزيل (٥) وهم الذين بذلوا جهوداً جبارة من أجل إلحاق الجزائر بفرنسا. وليس من المعقول أن تضيع هذه المستعمرة في عهد حكومتنا)) (٦). لأجل ذلك فإنه فكر وقدر ثم وضع بنفسه خطة للقضاء على الثورة ترتكز على دعائم أساسية هي:

أ- التنمية الإقتصادية قصد تشغيل المواطنين وعزلهم عن جبهة التحرير الوطني وقد وظف لذلك أرصدة مالية كبيرة في إطار مايسمى بمشروع قسنطينة الذي أعلن عن ميلاده والشروع في تجسيده يوم الثالث من شهر أكتوبر سنة ثمان وخمسين وتسعمائة وألف.


(١) نجد تأكيداً لهذا التبرير في كتاب فليب تريبي: تشريح حرب الجزائر، ص ٢٠٥ وما بعدها.
(٢) تشريح حرب، ص ٢٤١، يقول عباس فرحات: "من وجهة نظري فإن الجنرال كان قادراً على تسوية مشاكلنا إلا أنه لم يكن يمينياً ولا يسارياً، بل كان هو ضمير فرنسا.
(٣) من مواليد ١٧٧٣. عين وزير للحربية الفرنسية سنة ١٨٤٦ ثم قاد الحملة إلى الجزائر ووقع مع الداي وثيقة الإستسلام ورقي إلى رتبة مرشال فرنسا سنة ١٨٣٢ وتوفي عام ١٨٤٦ أنه لم يكن يمينياً ولا يسارياً بل هو ضمير فرنسا.
(٤) جنيرال فرنسي أرسل إلى الجزائر لمحاربة الأمير عبد القادر سنة ١٨٣٦، وقع معاهدة التافنة سنة ١٨٣٧ وفي سنة ١٨٤٠ عين حاكماً عاماً للجزائر فمارس فيها سياسة الأرض المحروقة وإستقال من الجيش سنة ١٨٤٧. ومات بعد ذلك بقليل مصاباً بمرض الطاعون.
(٥) عين حاكماً للجزائر بعدما أن خرج منها ديومون سنة ١٨٣٠:هزيمة أحمد باي أمام قسنطينة ١٨٣٦. توفي بعد أن عين مرشال فرنسا سنة ١٨٤٢.
(٦) مذكرات الجنرال ديغول، الأمل، ص٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>