للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجزائر التي استعادت أنفاسها وراحت تستعد للإنتفاضة الشعبية التي سوف تعم البلاد إبتداء من العاشر من ديسمبر سنة ستين وتسعمائة وألف.

إن هذه الهزيمة التي منيت بها سياسة الجنرال ديغول، مضافة إلى النتائج السلبية. التي توجت الإنتخابات الجهوية التي جرت في شهر ماي والتي كانت السلطات تراهن عليها لإبراز عناصر القوة الثالثة، كل ذلك قد فرض على رئيس الدولة الاستعمارية العودة إلى مبدأ حق الشعب الجزائري في تقرير مصيره، وقد جاء ذلك في خطاب توجه به إلى الأمة الفرنسية بتاريخ الرابع عشر من شهر جوان قال فيه على الخصوص.

"في السادس عشر من شهر ديسمبر فتحت طريق مستقيمة وواضحة، الطريق الموصلة إلى السلم ... فحق الجزائريين في تقرير مصيرهم هو الوحيد ومن الدوامة المعقدة والمؤلمة ... أنني، مرة أخرى، التفت باسم فرنسا إلى قادة الثورة إننا ننتظرهم هنا لنجد معهم نهاية مشرفة للمعارك التي تتواصل حتى الآن. بعد ذلك، سيتم كل شيء لكي تعطى الكلمة إلى الشعب الجزائري وهو مطمئن البال وسوف لن يكون القرار إلا ما يقرره هو بنفسه. (١)

بعد هذا الخطاب بأقل من أسبوع وصل إلى مولان (٢) وفد الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية مكوناً من السيدين أحمد بومنجل (٣) ومحمد الصديق بن يحيى (٤)، غير أن اللقاءات بين الطرفين لم تؤدِ سوى إلى كسر الحواجز النفسية


(١) مذكرات الجنرال، ص: ٩٤.
(٢) مدينة صناعية في فرنسا تقع على نهر السين جنوب شرقي باريس التي تبعد عنها بحوالي ٤٥ كلم عدد سكانها حالياً لا يزيد عن أربعين ألف نسمة.
(٣) من المحامين الجزائريين الأوائل، دافع عن مصالي الحاج في الثلاثينات ثم أصبح سنة ١٩٤٤ واحداً من المسؤولين البارزين في الحركة أحباب البيان والحرية. وفي سنة ١٩٤٦ أصبح نائباً لفرحات عباس على رأس الإتحاد الديموقراطي للبيان الجزائري وقد ظل كذلك إلى غاية إندلاع الثورة فلازم الحياد ثم التحق بصفوف فدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا والتي أصبح عضواً قيادياً فيها سنة ١٩٥٧ وهي نفس السنة التي عين فيها عضواً بالمجلس الوطني للثورة الجزائرية. قام بدور أساسي في الميدان الديبلوماسي وفي سنة إثنتين وستين وتسعمائة وألف عين وزيراً للأشغال العمومية بأولى حكومة للجزائر المستقلة.
(٤) من مواليد مدينة جيجل بالشرق الجزائري، ناضل في صفوف حركة الإنتصار للحريات الديموقراطية التي أسندت إليه مهمة تنظيم الطلبة إلتحق بجبهة التحرير الوطني سنة ١٩٥٥ وعين عضواً بأول مجلس وطني للثورة الجزائرية. لمع كواحد من التقنيين الماهرين في فن المفاوضات أشتغل رئيساً لديوان السيد فرحات عباس في الحكومة الأولى. كان من المفاوضين في إيفيان، وفي سنة ثلاث وستين وتسعمائة وألف عين سفيراً للجزائر في الإتحاد السوفياتي ثم سفيراً في لندن سنتي ٦٥/ ٦٦ قبل أن يستدعيه هواري بومدين كوزير للإعلام ثم للتعليم العالي فالمالية.

<<  <  ج: ص:  >  >>