للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في مذكراته أنه مقتنع فعلاً، بضرورة إخراج فرنسا من هذه الحرب لكنه يريد قبل ذلك "أن تتمكن القوات الفرنسية من السيطرة على الميدان وتبقى كذلك إلى أن أرى الوقت مناسباً لأمرها بالإنسحاب (١).

ففي هذا السياق قام بزيارة إلى الجزائر دامت من الثالث إلى السابع من مارس سنة ستين وتسعمائة وألف، تفقد خلالها، معظم المناطق التي تتمركز بها قواته المسلحة ثم جمع الضباط السامين المكونين لقيادات الأركان وخاطبهم قائلاً: "إن المعركة لم تنته، إنها قد تستمر أشهر وأشهراً، ومادامت مستمرة فإن الواجب يدعوكم إلى مغالبة العدو والتغلب عليه (٢).

ومن جهة أخرى، وجه رئيس الدولة الفرنسية اهتمامات بالغة بعملية زرع الشقاق في صفوف الثورة الجزائرية ومحاولة عزل بعض الولايات من أجل التفاهم معها في القوة الثالثة التي كان يعمل على إيجادها من أجل الضغط على جبهة التحرير الوطني. وسوف لن ينسى التاريخ زيارة مجالس الولاية الرابعة إلى فرنسا وإستقباله في قصر الإليزية من قبل الجنرال ديغول نفسه. لقد تم ذلك في سباق ما يسمى بسلام الشجعان وبواسطة المساعدين المقربين للجنرال وفي مقدمتهم الوزير الأول ميشال دويري وبانار تريكو والعقيد ماتهون.

ويذكر السيد فرحات عباس أن المقابلة مع الجنرال ديغول لم تكن من أجل إيجاد حل للقضية الجزائرية بل إن فرنسا كانت تهدف إلى ضرب وحدة الصف الجزائري (٣).

وقد أنتبه الرائد سي محمد بوعمامة إلى الخديعة، ولذلك، وبمجرد الرجوع، إلى الجزائر وتوجه العقيد سي صالح إلى الولاية الثالثة قصد إطلاع قائدها العقيد محمد أو الحاج على ما دار بينه وبين رئيس الدولة الفرنسية، فإنه أقدم على إعتقال جميع أعضاء الوفد ونفذ فيهم حكم الإعدام بتهمة المشاركة في الخيانة العظمى. وبما أن الحكومة المؤقتة هي التي تعين مسؤولي الولايات، فإنه أوفد العقيد سي صالح إلى تونس من أجل المحكمة (٤)، ثم راح يعيد تنظيم ولايته وينشط سائر مناطقها ونواحيها وأقسامها مركزاً على الكمائن والهجومات الخفيفة وعلى العمل الفدائي في المدن والقرى. ومن بين المدن كانت مدينة


(١) الجنرال مذكرات، ص ٩٢.
(٢) نفس المصدر، ص:٩٠.
(٣) تشريح حرب، ص: ٢٨٦.
(٤) عندما وصل إلى مقربة من مدينة الأخضرية إشتبك سي صالح مع دورية للجيش الإستعماري فقاتل وأستشهد يوم ٠٨/ ٠٧/١٩٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>