النصوص الأساسية للثورة. وبقيت المحادثات تدور في حلقة مفرغة مدة خمسة وعشرين يوماً وقد توقفت بطلب من الحكومة الفرنسية في اليوم الثالث عشر من شهر جوان سنة واحد وستين وتسعمائة وألف.
وعلى الرغم من تمسك كل طرف بموقفه، فإن الوفدين قررا مواصلة الإتصال فيما بينهما ولم يكن من السهل، في ذلك الوقت، التكهن بإمكانات التوصل بسرعة إلى تقريب وجهات النظر.
فالحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية تريد من فرنسا أن تعترف للجزائر بالسيادة المطلقة وبسلامة التراب الوطني وبوحدة الشعب ذي الثقافة العربية والإسلامية إلى جانب أقلية أوروبية وبجبهة التحرير الوطني كممثل وحيد للشعب الجزائري. أما فرنسا فتزيد حسب الترتيب الإستقلال الداخلي، وفصل الصحراء عن الجزائر وتجزئة الشعب على أساس عرقي وتنظيم طاولة مستديرة تشارك فيها أطراف أخرى وهدنة فقط، وأدى تواصل الإتصالات السرية بين الطرفين إلى تنظيم لقاء جديد في مدينة لوقران الفرنسية دام أسبوعاً كاملاً ولم تدرس فيه سوى مسألة الصحراء التي أقترح الوفد الفرنسي تسويتها بواسطة ندوة مشتركة بين جميع البلدان المجاورة لها. وأمام الوفد الجزائري علقت المفاوضات من جديد وكان ذلك في اليوم الثامن والعشرين من شهر جويلية سنة واحدة وستين وتسعمائة وألف.
في كل هذه الأثناء كانت الساحة الجزائرية قد عرفت تطورات خطيرة تتمثل خاصة في ظهور المنظمة السرية المسلحة (١) إبتداء من مستهل شهر مارس وشروعها في العمل التخريبي بواسطة التقتيل ونسف المؤسسات الإقتصادية، وقد توج ذلك بإنقلاب الجنرالات الأربعة صبيحة اليوم الثاني والعشرين من شهر أفريل. وفي داخل قيادة الثورة توترت العلاقات بين الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية وبين قيادة الأركان التي قدمت إستقالتها بواسطة رسالة تحمل تاريخ الخامس عشر من شهر جويلية، ضمنتها مآخذ كثيرة في مقدمتها التهاون والفوضى والرشوة.
(١) أول بيان نشر يوم ٠٥/ ٠٣/١٩٦١، قد ذكر فيه أنها تعمل من أجل الحفاظ على الجزائر فرنسية وهي مستعدة لتجنيد مائة ألف رجل ولها من الإمكانيات المادية ما يكفي لتحقيق أهدافها. (ويذكر السيد محمد حربي في جبهة التحرير الوطني، ص ٣٢١ أن هذه المنظمة تأسست في شهر جانفي سنة ١٩٦١ لكن السيد اليستر هورن ص ٤٥٦ يؤكد أن المحامي PIERRE POPIE قد أغتيل يوم ٢٥/ ٠١/١٩٦١ من طرف المتطرفين الكولون وأن ذلك الإغتيال هو الذي أوحى لكل من لاقيارد وسورزيني بتكوين منظمة سرية مسلحة هي التي عرفت خطأ بمنظمة الجيش السري.