للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحرق الوحدات الإنتاجية وكثير من المعامل والورشات خاصة في العاصمة وفي كبريات المدن.

٤ - إن الحكومة الفرنسية، بعد أن أستنفذت كل إمكانياتها المادية والبشرية لخنق الثورة الجزائرية لم تنجح ولم تتمكن من الحفاظ على الجزائر الفرنسية، وقد قررت العمل بجميع الوسائل على إفراغ الثورة من محتواها الحقيقي (١) وذلك انطلاقاً من إتفاقيات إيفيان التي ضمنتها مجموعة من الفقرات أقل ما يقال عنها أنها ألغام قوية المفعول في الطريق المؤدية إلى إسترجاع الإستقلال الكامل كما جاء التنصيص عليه في مواثيق جبهة التحرير الوطني.

وبالفعل، لقد جاء في الفصل الثاني من البيان العام: "أنه لا يمكن لأي كان أن يتعرض لإجراءات بوليسية أو متابعات عن طريق العدالة، أو أن تسلط عليه عقوبات إنضباطية أو غيرها بسبب ما أبداه من أراء حول الحوادث التي جرت في الجزائر قبل يوم الإستفتاء حول تقرير المصير، أو بسبب ما قام به من أعمال الحوادث المذكورة قبل وقف إطلاق النار (٢).

ومن الواضح أن هذه الفقرة تهدف بالدرجة الأولى إلى حماية نوعين من الناس: المعمرين الذين شاركوا في أعمال التخريب التي قامت بها منظمة الجيش السري أو عملوا كمسلحين في صفوف جيش الإستعمار بشكل أو بآخر من أجل إبقاء السيطرة الأجنبية ومنع جبهة التحرير الوطني من إسترجاع السيادة الوطنية، علماً بأن هذين الصنفين كانا حوالي خمس السكان.

وكان الوفد الفرنسي، عندما أدرج هذه الفقرة، يعتقد أن كثيراً من المعمرين سيبقون في الجزائر لحمل لواء الإستعمار الجديد بمساعدة الأهالي الذين خانوا وطنهم أثناء حرب التحرير والذين تجعلهم الفقرة المذكورة في مأمن من القصاص ومن غضب الجماهير.

وعلى الرغم من إحترام جبهة التحرير الوطني لهذا الشرط التعسفي، فإن جميع المعمرين الذي أظهروا العداء للثورة قد فرّوا، وفرّ معهم معظم من حمل السلاح ضدها من الجزائريين.

ولكن الجماهير الشعبية التي لم يندمل جرحها، لم ترض بهذا الفرار،


(١) الرؤيا، مجلة فصلية تعني بشؤون الفكر، يصدرها إتحاد الكتاب الجزائريين، العدد٢، ص٢٧، وما بعدها.
(٢) نفس المصدر، ص١٣ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>