للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العامل والفلاح لتحقيق أهداف الثورة في جميع الميادين. وليس هذا من الأمور السهلة في نظري، ولا يمكن على تدعيم موقف (١) الرفض الذي يستحيل تحقيق الإستقلال الكامل بدونه.

وبالإضافة إلى هذه السيطرة الثقافية التي شرعها البيان العام الموقع عليه من الطرفين، فإن الجانب الفرنسي قد أدرج في البيان الخاص بالضمانات في بعض الفقرات التي تسمح لفرنسا بالتدخل مباشرة أو بوسيط في شؤون البلاد الداخلية والخارجية. مع ذلك فإن الجزائريين الذين يغادرون التراب الوطني قصد الإستيطان في بلد آخر، يسمح لهم بإخراج جميع منقولاتهم، وأن الفرنسيين والأهالي، في مرحلة التفكير قبل إختيار الجنسية، يمثلون جميع المجالس السياسية والإدارية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية يجب أن يأخذ بعين الإعتبار مصالحها المادية

والأدبية" (٢).

أما البند الثامن والتاسع، فإنهما يشكلان تدخلاً صريحاً في الشؤون القضائية، وذلك بالتنصيص على أنه يحق للمتمردين الآنفي الذكر أن يرفضوا القانون الإسلامي، وأن يمتثلوا فقط للقانون الفرنسي إلى أن يصدر القانون المدني الجزائري الذي "يجب أن يساهموا في وضعه" (٣).

وفي نفس البيان، البند الثالث من الجزء الثالث، فإن للمتمردين الحق في إستعمال اللغة الفرنسية، في علاقاتهم مع العدالة ومع سائر الإدارات، كما أن لهم الحق في فتح مدارس خاصة لتعليم الفرنسية وللقيام بالبحوث وفقاً للبيان الخاص بالتعاون الثقافي.

وفي المجال الإقتصادي، فإن البيان يفتح الباب على مصراعيه للسيطرة الأجنبية إذ ينص في البنود التاسع والعاشر والحادي عشر من الجزء الثالث على أن الشركات المدنية والتجارية الفرنسية التي يكون مقرها الإجتماعي في فرنسا، ولها أن يكون لها في المستقبل نشاط إقتصادي في الجزائر، تتمتع بجميع الحقوق الواردة في سائر البيانات الحكومية المتعلقة بوقف إطلاق النار.

أما في الميدان العسكري، فإن البيان الخاص بالقضايا العسكرية يترك لفرنسا، ولمدة تتراوح ما بين ثلاث وخمس عشرة سنة، عدداً من القواعد الهامة


(١) محمد العربي الزبيري، محاضرات في تاريخ العالم الثالث، الجزائر ١٩٧٧ وما بعدها، يجد القارئ تفاصيل حول موقفي والقبول في البلدان المستقلة حديثاً.
(٢) ابن يوسف بن خده، إتفاقيات إيفيان، ص٢٨.
(٣) نفس المصدر.

<<  <  ج: ص:  >  >>