للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ممثل للتخلف والرجعية.

والغريب أن هذه النتيجة التي تحققت في فترة وجيزة بعد إسترجاع الإستقلال الوطني، لم تتمكن سلطات الإحتلال من تحقيق ولو جزء بسيط منها خلال مائة وإثنين وثلاثين سنة من الظلم والإضطهاد، وتجربة العديد من السياسات الرامية إلى جعل الجزائر جزء لا يتجزأ من فرنسا.

كل هذه المشاكل زادت مع الإستقلال السياسي، ووجدت اطاراً قانونياً لها في البيانات الحكومية المتعلقة بوقف إطلاق النار، وكان على السلطات الوطنية الفتية أن تتحداها لتتمكن من سلوك الرفض الذي يستطيع وحده سد المنافذ في وجه الإستعمار الجديد.

لقد توقف المؤتمرون، ملياً، عند كل هذه الملاحظات، وبعد أن درسوها دراسة وافية عبروا عن موقفهم منها بدقة بواسطة المقتطفات التالية من برنامج طرابلس: "إن الحكومة الفرنسية تحاول توجيه استقلال بلادنا حسب مقتضيات سياستها الإستعمارية ... وتمثل إتفاقيات إيفيان قاعدة للإستعمار الجديد تريد فرنسا إستعمالها لِتُمَكِّن هيمنتها وتنظيمها في شكل جديد، إن المستعمرين الفرنسيين يحاولون أن يجعلوا من قبولنا التكتيكي لإتفاقيات إيفيان نكسة إيديولوجية تنتهي إلى التخلي عن أهداف الثورة".

"والحكومة الفرنسية لا تعتمد فقط على قواتها العسكرية وعلى الأقلية الفرنسية لتخريب تطور الجزائر بل إنها تستغل التناقضات السياسية والإجتماعية داخل جبهة التحرير الوطني الجزائرية، وتحاول أن تجد ضمنها حلفاء موضوعيين قد ينسلخون عن الثورة وينقلبون ضدها، وهذا التكتيك الإستعماري يمكن تلخيصه كما يلي: بعث قوة ثالثة في صفوف جبهة التحرير الوطني تتكون من الوطنيين المعتدلين الذين يقتنعون بالإستقلال ولكنهم يعارضون كل عمل ثوري حقيقي ثم ترك عناصر القوة الثالثة تتصارع مع المناضلين والإطارات التي تبقى وفية للمصالح الشعبية ولمقاومة الإستعمار ... إن رغبة الحكومة الفرنسية هي أن تتغلب النزعة المعتدلة على القوى الثورية وهذا ما يجعل ممكناً قيام تجربة تشترك فيها فرنسا مع جبهة التحرير الوطني في نطاق الإستعمار الجديد".

"وإننا نكون بعيدين عن الواقع إذا ظننا أن الثورة سوف تتواصل بدون عائق لأن القاعدة الاستعمارية الجديدة التي تدعونا إليها، فرنسا هي في الواقع ملتقى جميع القوات المعادية للثورة ... إن فرنسا تريد أن تجذب إليها، بواسطة

<<  <  ج: ص:  >  >>