للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المليارات، فئة كاملة من الناس الذين يوحدهم الجشع والطموح الشخصي أي الذين تربوا على المنافع القذرة المنجرة لهم من الحرب الاستعمارية".

إن فرنسا ستحاول استغلال نقائصنا وأخطائنا لقلب تيار الثورة وتنظيم القوى المعارضة، وإن توضيح أهدافنا والتحليل السليم والدقيق لنواقصنا وما بقي غامضاً من مطامحنا وأفكارنا هو الذي سوف يجعل قوى الشعب الجزائري الثورية حقيقة واعية منظمة ومتفتحة على المستقبل". (١).

ولمواجهة التخطيط الإستعماري الجديد، رأت قيادة الثورة أن من الضروري تجاوز الهدف الرئيسي الذي كانت الحركة الوطنية ترمي إلى تحقيقه، فالإستقلال لم يعد كافياً لأن الكفاح المسلح قد ولد مستلزمات وتطورات في الوعي الشعبي وفي داخل التركيبة البشرية نفسها، وتباعاً، أصبح حتماً على جبهة التحرير

الوطني أن تتكيف مع الوضع الجديد فتهيء الظروف الملائمة لمواصلة الثورة في جميع الميادين.

إن جبهة التحرير الوطني، حسب تحاليل المجلس الوطني، عندما أعلنت عن بدء الكفاح المسلح، لم تكن تتوقع حدوث كل ذلك الإنقلاب الإيجابي الذي أصاب الريف والمدينة على حد سواء، كما أنها لم تضع في حسبانها إنزلاق الجالية الأوروبية في الطريق الذي اختطته لها منظمة الجيش السري والذي قادها مباشرة للهجرة الجماعية إلى فرنسا، لأجل ذلك فإنها لم تفكر في صياغة مشروع المجتمع الذي يأخذ في الإعتبار كل هذه المعطيات الجديدة.

لقد كان نداء الفاتح من نوفمبر الذي أكده ميثاق وادي الصومام يدعو جبهة التحرير الوطني إلى أن تظل هي المرشد الوحيد للثورة الجزائرية، ولكي يتسنى لها ذلك، يجب أن تكون قوية بتجذرها في أوساط جميع فئات الشعب وأن تسعى بجميع الوسائل إلى نشر الوعي السياسي في صفوف الجماهير الشعبية الواسعة وتكوين الإطارات والمناضلين إيديولوجياً وسياسياً. لكن المجلس الوطني للثورة الجزائرية المنعقد بطرابلس في شهر جوان سنة إثنتين وستين وتسعمائة وألف، يرى أن الوعي الجماعي قد نضج نتيجة الإحتكاك بالواقع بينما تقهقرت ممارسات جبهة التحرير الوطني في جميع المستويات، وينسب ذلك إلى أن قيادة الثورة لم تتمكن من تجاوز هدف استرجاع الاستقلال إلى فكرة الثورة الشاملة التي لا تتوقف والتي أصبحت مطلباً لا يمكن فصله عن التحرير الوطني.


(١) النصوص الأساسية لجبهة التحرير الوطني، ٥٧ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>