للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويرى المجلس الوطني للثورة الجزائرية كذلك، من خلال تحليله، أن المرحلة الموالية لوقف إطلاق النار تتطلب ضبطاً دقيقاً للمفاهيم والمصطلحات التي سوف تكون في أساس التحرك من أجل إنجاح الثورة.

وفي هذا السياق، يؤكد أن جبهة التحرير الوطني التي هي في جوهرها حركة مناهضة للإقطاع ومحاربة له لم تنج من تأثيره على بعض جوانب نظامها لأنها أهملت الثقافة السياسية التي من شأنها التصدي للروح الإقطاعية أو لبعثها من جديد. والروح الإقطاعية في نظر المجلس، لا تتعلق فقط بطبقة اجتماعية معينة "ذات سيطرة تقليدية تستمدها من ملكية الأراضي واستغلال الغير، بل أنها أشكال مختلفة قد نجدها حتى في الثورات الشعبية التي ينقصها الوعي العقائدي" (١)

وإذا كان الناس يعرفون الإقطاعية الزراعية ويقدرون مساوئها ومضارها

فيعملون على إزالتها بكل ما يمكن من وسائل، فإن الإقطاعية السياسية تكاد تكون مجهولة رغم ما تمثله من خطورة على حسن سير الثورة فيما يتعلق بالجزائر لأنها بما تخلقه من تكتلات وتحيزات ودكاكين مرتبطة بمصالح شخصية وآنية، تقضي على الديمقراطية في صفوف المناضلين وفي أوساط الجماهير الشعبية بصفة عامة.

إن جبهة التحرير الوطني، حسب تقييم المجلس، قد بذلت جهداً كبيراً للتخلص من هذه الروح الهدامة، لكنها لم تتمكن من إجتثاث جذورها فبقيت سائدة في الميادين الاقتصادية والإجتماعية والثقافية والدينية (٢)، وتولدت عنها آفة أخرى هي ما يمكن تسميته بالروح المبادرة الخلاقة عند المناضل والمواطن (٣).

وإلى جانب الروح الإقطاعية بالمفهوم المشار إليه أعلاه. ندد المجلس بآفة أخرى أعقب أنها أضرت المجتمع الجزائري في الماضي، وإذا لم يقض عليها فإنها سوف تتمكن بالتدريج من إجهاض الثورة. هذه الآفة هي الروح البورجوازية الصغيرة التي يؤكد المؤتمرون أنها "تفشت وانتشرت بسبب التجمع الإيديولوجي الناتج عن الإنحراف الأول الذي كرسه وادي الصومام والمتمثل


(١) نفس المصدر، ص٦٠.
(٢) لقد كان المجلس الوطني قياساً في هذا الحكم المستند إلى مصادر أجنبية ما أبعدها عن فهم الواقع الجزائري. انظر معالجتنا لهذا الموضوع في مجلة الجيش، العدد ص:
(٣) النصوص الأساسية لجبهة التحرير الوطني، ص: ٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>