في إسناد بعض مناصب الحل والربط إلى إطارات تكونت في صفوف أحزاب لا علاقة لها بالتكوين الثوري (١).
ويرى المجلس الوطني للثورة الجزائرية أن الطابع للبورجوازية الصغيرة هو روح الفردية والتشبث بالمنفعة الخاصة والسلوك المتكبر إزاء الفلاحين والمناضلين المتواضعين وهي كلها صفات تتنافى مع ما ينبغي أن تتخلى به القيادات الثورية وتعود، عندما لا تستأصل في أساسها، إلى تعميق الهوة الفاصلة بين القمة والقاعدة، وتهيئة الأرضية الهشة التي تنمو فيها وتترعرع البيروقراطية التافهة المعادية للشعب والعاملة على تدعيم مناهضة الثورة.
وبالإضافة إلى كل هذه الآفات الفتاكة، توقف المجلس الوطني للثورة الجزائرية عند الآثار السلبية التي تركها في الميدان الإيديولوجي بقاء القيادة العليا للثورة خارج التراب الوطني رغم مقررات وادي الصومام ورغم أنه كان نتيجة لمقتضيات الظروف في ذلك الوقت، فاستمرار القيادة في الخارج منذ السنة الثالثة
للثورة قد تسبب في إيجاد قطيعة بينها وبين الواقع الوطني وكان يمكن أن تكون عواقبه وخيمة على الحركة التحريرية كلها، ومما لا شك فيه أن هذه القطيعة هي التي سمحت بميلاد تيارات سياسية متنافرة في داخل جبهة التحرير الوطني كما أنها قادت بالتدريج إلى إعطاء مفهوم خاطئ للدولة وللحزب، الأمر الذي أنجز عنه تداخل المؤسسات فيما بينها وتحول جبهة التحرير الوطني إلى مجرد أداة إدارية للتسيير بدل أن تهتم بالتطهير الإيديولوجي.
انطلاقاً من هذه التحاليل تحددت المعالم الكبرى لمشروع، المجتمع الجديد فيما سيعرف ببرنامج طرابلس، وقبل الشروع في تقديمه والتعليق عليه لا بد من إبداء بعض الملاحظات التي من شأنها أن تساعد القارئ على فهم كثير من الخلفيات ومن تسليط الأضواء على مجموعة من النقاط التي ظلت غامضة في إيديولوجية جبهة التحرير الوطني.
١ - إن الحكومة المؤقتة عندما عينت مجموعة العمل التي أسندت لها مهمة تحضير المشروع التمهيدي لها سيعرف ببرنامج طرابلس، لم تراع مقياس التجانس بين أعضائها ولم تأخذ في الإعتبار ضرورة تعيينهم من بين المناضلين المتشبعين بإيديولوجية الحركة المصالية فقط، ولأنها لم تفعل جاءت المجموعة ثلاثة أقسام متباينة، إثنان منها على