للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكثقافة علمية في وسائلها وأبعادها، فإنها تتميز بطابع عقلاني وتجهيزات تقنية عالية وهي ضرورية للتحكم في العلوم وتطوير البحث العلمي والاهتمام بالتكوين التقني من أجل إدخال الجزائر عهد الإبداع العصري الذي يتوقف عليه نجاح التنمية الشاملة.

ولقد كانت باستطاعة مجموعة العمل أن تتدارك أخطاءها الفادحة لو جعلت في مقدمة المهام الأساسية المذكورة تحريك الصحوة الإسلامية في الجزائر باعتبار أن الإسلام دعوة لتحرير الإنسان وتطبيق العدالة الاجتماعية وهو أيضاً دين المعاملات الكفيلة بإقامة الدولة القوية. ولأن ذلك لم يحدث، فإن بعض التيارات السياسية قد ركبت الموجة وراحت تنشر في أوساط الجماهير الشعبية كون النظام الجزائري الجديد شيوعي لاعلاقة له بواقع الشعب العربي المسلم.

وبعد تحديد المهام الأساسية، انتقل برنامج طرابلس إلى تعداد الوسائل الواجب استعمالها لتجسيد الثورة الديمقراطية على أرض الواقع، وحصر هذه الوسائل في ثلاثة رئيسية هي: "بناء اقتصاد وطني وانتهاج السياسة الاجتماعية التي ترمي إلى إفادة الجماهير ورفع مستوى معيشة العمال والقضاء على الأمية وتحسين الأوضاع السكنية والصحية وتحرير المرأة ثم انتهاج سياسة دولية أساسها الاستقلال الوطني ومناهضة الامبريالية.

فيما يخص بناء الاقتصاد الوطني. وانطلاقاً من كون فرنسا كانت تسيطر

كلية على الاقتصاد الجزائري، وبأن هذا الأخير مختل التوازن وغير متناسق (١)، فإن برنامج طرابلس قد أوصى بالعدول عن أساليب الليبرالية التقليدية حتى يتسنى للثورة إجراء تحول حقيقي في المجتمع وانقلاب جذري في الهياكل الاقتصادية الموجودة وتطويرها بالكيفية التي تتماشى مع متطلبات التنمية وإنجاز مهام الثورة الديمقراطية الشعبية وتدعيماً لهذه التوصية تضمن البرنامج التوضيحات التالية: (٢)

"إن الأساليب الليبرالية تزيد في خطورة فوضى السوق وتدعيم التبعية


(١) يشير برنامج طرابلس إلى أن الاقتصاد الجزائري في ذلك الوقت كان يتضمن قطاعين تربط بينهما شبكة تجارية هشة، أما القطاع الأول فرأسمالي عصري ونشيط وهو يشكل موقعاً للاقتصاد الفرنسي ويشمل الفلاحة ومختلف وعي أنواع الصناعة والنقل والتجارة الكبيرة والخدمات. أما القطاع الثاني فتقليدي يعيش منه السواد الأعظم من الجزائريين وهو لم يبرح ويحتفظ بالهياكل الموروثة عن الماضي ويسيطر عليه الاقتصاد الاستهلاكي وعلاقات الإنتاج التي كانت تميز عصر ما قبل الرأسمالية.
(٢) النصوص الأساسية لجبهة التحرير الوطني، ص٧٨، وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>