للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تتشكل صفوفها من الفلاحين والعمال والطلبة والشباب والمثقفين الثوريين (١)، وهناك من دعا إلى جعلها حزباً طلائعياً يضم في صفوفه فقط العناصر الواعية والمؤمنة بمهام الثورة الديمقراطية الشعبية ومحاورها الكبرى وأساليب إنجازها ونظراً إلى أن الوقت لم يكن كافياً للفصل في الموضوع، ولأن المسؤولين الذين بيدهم سلطة القرار كانوا مشغولين بمسألة تشكيل المكتب السياسي، وحيث أن مجموعة العمل رغم يسارية أعضائها لم تكن قادرة على تجاوز خلافاتها المذهبية (٢)، فإن التعريف الذي تضمنه برنامج طرابلس قد جاء غامضاً وغير من مضمونه الإيديولوجي.

هكذا، وبدون سابق إنذار، أضيف إلى الوثيقة الأساسية المقدمة للمجلس الوطني للثورة الجزائرية ملحق بعنوان: الحزب. وكأنما للإجابة على تساؤلات القارئ الخالي الذهن استهل الملحق المذكور بما يلي: "لتحقيق أهداف ثورة ديمقراطية شعبية لابد من حزب جماهيري واع" (٣).

إن الحزبية في ذلك الوقت تتناقض جوهرياً مع حقيقة جبهة التحرير الوطني التي تأسست على أنقاض الأحزاب التي برهنت على فشلها في قيادة الشعب نحو توحيد واسترجاع الاستقلال الوطني، ولقد كان أعضاء المجموعة يعرفون ذلك ويعرفون، أيضاً أن الحزب الشيوعي هو من بين التشكيلات السياسية التي كانت تنشط في الجزائر قبل الفاتح من نوفمبر عام أربعة وخمسين وتسعمائة وألف، وهو التشكيلة الوحيدة التي رفضت حل نفسها وظلت تنافس جبهة التحرير الوطني وتتحداها إلى غاية وقف إطلاق النار، وعليه فإن اعتبار جبهة التحرير الوطني حزباً يقلل كثيراً من أخطاء القيادة الشيوعية ويفتح لها الأبواب واسعة للعودة إلى العمل كتنظيم مستقل بعد الاستفتاء والإعلان عن بعث الدولة الجزائرية من جديد.

وزيادة في الإبهام، جاء في الملحق أن "حزب جبهة التحرير الوطني ولد في خضم المعركة وهو ليس تجمعاً، لكنه تنظيم يضم كل الجزائريين الواعيين


(١) مازالت جبهة التحرير الوطني محافظة على التعريف إلى غاية اليوم ورغم كل ماوقع من أحداث وتغيير.
(٢) بعض أعضاء المجموعة مثل السيد محمد حربي، كانو تروسكيين، بينما كان بعضهم الآخر مثل مصطفى الأشرف ورضا مالك ومحمد بن يحيى ماركسيين ومتأثرين بقرانتز فانون، والوحيد الذي كان متشبعاً بأيديولوجيا الحركة الوطنية فهو عبد المالك تمام الذي لم يطلق سراحه إلا بعد وقف إطلاق النار.
(٣) النصوص الأساسية لجبهة التحرير الوطني، ص٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>