للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كريم في مسعاه المتعلق بتقسيم أعضائها (١) ثم عندما تقدمت المفاوضات مع فرنسا

ولاح في الأفق تحالف محتمل بين أحمد بن بلة وقيادة الأركان العامة. صحيح أن السلطة كانت هي الهدف الأسمى الذي كانت جميع الأطراف تسعى إلى تحقيقه، ولكن المتصارعين عليها كانوا في جريهم وراءها ينطلقون من مواقف أيديولوجية مختلفة يمكن حصر أهمها في الآتي:

١ - الموقف الرافض الذي يرى أن حل القضية الجزائرية يكمن، أولاً، في إلحاق هزيمة عسكرية بالجيش الاستعماري، وعليه فإن التفاوض مع العدو يعد تنازلاً خطيراً ونوعاً من الخيانة التي يجب التصدي لها بكل حزم وصرامة. وصاحبة هذا الموقف هي قيادات الأركان العامة التي تعتبر اتفاقيات إيفيان إجهاضاً للثورة وإرساء لقواعد الدولة الليبرالية في الجزائر (٢).

٢ - موقف القبول يرى أن الحل العسكري مستحيل، وأن التفاوض مع فرنسا هو الطريق الأوحد والأسلم لوقف إطلاق النار وتمكين البلاد من استرجاع استقلالها وبالطبع، فإن الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية هي صاحبة هذا الموقف وهي تعترف أن اتفاقيات إيفيان، على ما فيها من نواقص، صالحة لأن تكون قاعدة متينة لبناء الدولة الجزائرية كما هي محددة في النصوص الأساسية للثورة (٣).

وإذا كان الموقف الأول متأثراً بالثورية التي تريد أن تكون محصلة للتجربتين الكوبية والصينية وهو، من ثم، يشترط أن تنتقل السيادة الجزائرية مباشرة من الحكومة الفرنسية إلى الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، ويدعو إلى بناء مجتمع اشتراكي في الجزائر متمايز عن المجتمعات الاشتراكية الأخرى بارتكازه على أبناء الريف ورفضه لمبدأ الصراع الطبقي، فإن الموقف الثاني، في الظاهر، بنداء أول نوفمبر الذي اكتفى بالتفاوض مع فرنسا على أساس اعتراف هذه الأخيرة باستقلال الجزائر وبأن لا يتوقف إطلاق النار إلا بعد تسوية جميع القضايا السياسية. وفي الحقيقة فإن هذا الموقف متأثر برغبة ملحة لدى أعضاء الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية في إنهاء حالة الحرب


(١) ذكر السيد عبد الحفيظ بو الصوف أن كريم عرض على بومدين رتبة جنرال. وأن هذا الأخير سجل عرضه على غير علم منه ووزعه على إطارات جيش التحرير الوطني للتقليل من شأنه.
(٢) ابن بلة (احمد) حديث في بيته يوم ٢٤/ ٠٦/١٩٩١ ويؤكد الرئيس بن بلة تأييده لهذا الموقف وهو ما بعد يقبل التحالف مع قيادة الأركان ضد الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية.
(٣) بن يوسف بن خدة، اتفاقيات إيفيان، ص٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>