للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"خوفاً من أن تعطي لفرنسا فرصة توظيف (١) الخلافات الداخلية لإجهاض الثورة". كما جاء في التفسيرات التي قدمها السيد ابن يوسف بن خدة.

وعلى الرغم من أن ثورية الموقف الأول إلا أن أصحابه لم يكونوا معروفين على الساحة السياسية، ولذلك توجهوا إلى قصر أولنوي (٢) ووقع اختيارهم في بادئ الأمر، على السيد محمد بوضياف لما اشتهر عنه من قدرة التنظيم على محاربته لعبادة الشخصية وتشبع بالمبادئ اليسارية لكن بوضياف رفض عرض مبعوث قيادة الأركان العامة السيد عبد العزيز بوتفليقة نظراً لارتباطه مع الحكومة المؤقتة وبالضبط مع السيد بلقاسم كريم الذي كان قد تحالف معه من قبل ضد السيد أحمد بن بلة. ولقد تبنى هذا الأخير موقف قيادة الأركان العامة بدون أدنى تردد وأعلن عن انضمامه إليها من أجل فرض حلها للأزمة والمتمثل في تشكيل مكتب سياسي يكون مسؤولاً عن الحكومة المؤقتة وفي وضع مشروع جديد للمجتمع الجزائري (٣).

ومما لاشك فيه أن قبول السيد أحمد بن بلة هذا التحالف مدفوع في جزء منه بمصالح الشخصية ولكنه، أيضاً جاء نتيجة تكوينه السياسي والأيديولوجي خاصة عندما نعرف أن فكرة الثورة بواسطة الأرياف تحتل مكانة رئيسية في برنامج نجم شمال إفريقيا ومن بعده حزب الشعب الجزائري وحركة الانتصار للحريات الديمقراطية، في هذا الجو المكهرب اجتمع المجلس الوطني للثورة الجزائرية وصادق، كما ذكرنا على برنامج طرابلس ثم لم ينه أشغاله، بل توقف عند مسألة تشكيل الهيئات العليا التي تسند إليها مسوؤلية تسيير شؤون البلاد بعد اتفاق الجميع على أن "جبهة التحرير الوطني ستواصل مهمتها التاريخية في قيادة الثورة (٤).

وتعبيراً عن الموقفين المذكورين أعلاه تبلورت في داخل المجلس نزعتان رئيسيتان. إحداهما بزعامة السيد أحمد بن بلة وهي ترى أن المكتب السياسي المزمع انتخابه يجب أن يتكون من سبعة أعضاء وأن تعطى له كل الصلاحيات اللازمة لقيادة البلاد إلى أن يتم تزويدها بالمؤسسات الشرعية المنتخبة، واقترح


(١) المصدر نفسه.
(٢) حيث كان القادة الأربعة معتقلين وهو كائن ببلدية أولنوي في شمال فرنسا.
(٣) بوتفليقة (عبد العزيز) حديث أجريته معه يوم ١٦/ ٠٤/١٩٩١ في بيت السيد محمد الشريف مساعديه.
(٤) حزب جبهة التحرير الوطني، الأمانة الدائمة للجنة المركزية، النصوص الأساسية لجبهة التحرير الوطني ١٩٥٤ - ١٩٦٢. نشر وتوزيع قطاع الإعلام والثقافة، الجزائر ١٩٨٧ ص٥٣. وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>