للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستطاع في ظرف قصير جداً أن يجمع حوله عدداً كبيراً من المسؤولين الممثلين فعلاً، لتوجيهات مختلفة لكنهم موحدون من أجل إسقاط الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، وتجاوز المجلس الوطني للثورة الجزائرية.

ومن بين المسؤولين البارزين الذين أضفوا على حركة ابن بلة طابع الشمولية

والشرعية والوحدة تجدر الإشارة إلى السيد فرحات عباس الذي كان محاطاً بالإطارات القيادية في الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري (١). ولو كان الأمر يتعلق بصراع أيديولوجي لتموين عباس في الجانب الآخر الذي يعود إلى احترام اتفاقيات إيفيان التي خططت للنظر الليبرالي في الجزائر. وهناك أيضاً مجموعة من الإطارات الذين شاركوا في اجتماع الاثنين والعشرين والذين تم اعتقالهم في فترات متفاوتة وأَهملوا مدة حبسهم من طرف القيادة العليا ممثلة في شخص الباءات الثلاث (٢).

وإذا كان السيد بن خدة قد طار إلى تونس حيث استأنف مهامه كرئيس للحكومة المؤقتة المسؤولة تجاه فرنسا عن تطبيق اتفاقيات إيفيان، فإن السيد أحمد بن بلة قد توجه إلى القاهرة معلناً عن شق عصى الطاعة مدعياً فيما بعد، أن الحكومة المؤقتة التي كان هو أحد نواب رئيسها قد حلت بمجرد انعقاد المجلس الوطني للثورة الجزائرية، لكن ذلك غير صحيح، لأن المجلس رفض بالإجماع استقالة الحكومة ولم يعين أخرى بديلة لها. وحينما ألح السيد ابن خدة على تقديم استقالته، فإن السيد ابن بلة قد قاد حملة واسعة النطاق من أجل إرغامه على سحبها (٣). ويبدو أنه إنما فعل ذلك، فقط، ليسد طريق الرئاسة في وجه السيد بلقاسم كريم الذي كان يسعى جاهداً للحصول عليها.

فذهاب ابن بلة إلى القاهرة بدون استشارة أحد كان، إذن، دليلاً على بدء الصراع العلني. وقد كان من المفروض أن يلتحق بتونس من أجل اجتماع توضيحي ومن أجل لم شمل الحكومة وإجراء التحليلات اللازمة بحثاً عن عدم قدرته على الارتقاء إلى مستوى عظمة الحركة الجهادية في الجزائر.

وبينما كانت الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية تواصل نشاطها كسلطة تنفيذية عليا لجبهة التحرير الوطني، كان ابن بلة في القاهرة يدعو إلى عدم الاعتراف بقراراتها ويندد بسلوكات أعضائها الذين هم في الواقع زملاؤه في


(١) خاصة منهم أحمد فرانسيس وأحمد بومنجل بالإضافة إلى السيد قائد أحمد.
(٢) من بين هؤلاء الإطارات تجدر الإشارة إلى: الزبير بوعجاج، أحمد بوشعيب، محمد مرزوقي، وعثمان بلوزاداد.
(٣) النصوص الأساسية لجبهة التحرير الوطني، ص٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>