للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النضال ولهم فضل البقاء خارج المعتقلات لضمان مواصلة الكفاح المسلح.

ولقد كانت الثورة الجزائرية تستفيد أكثر لو أن أعضاء الحكومة كلهم اجتمعوا في تونس برنامج طرابلس على ضوء وثيقة وادي الصومام ومن أجل الاستعداد ميدانياً لما بعد الإعلان عن استرجاع السيادة الوطنية ولمواجهة آثار التخريب الذي قامت به منظمة الجيش السري (١).

وبفضل وساطات متعددة قامت بها جهات مختلفة وخاصة منها الحكومة المصرية وفي مقدمتها الرئيس جمال عبد الناصر رجع ابن بلة إلى تونس وعقدت الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية اجتماعاً مطولاً في اليوم السادس والعشرين من شهر جوان. لكن الأمور ازدادت تعقيداً عندما حضر الاجتماع المذكور ممثلون عن اللجنة التنسيقية للولايات (٢)، ومعهم اقتراح بفصل رئيس وأعضاء قيادة الأركان العامة.

يقول السيد محمد حربي: (إن الاقتراح كان من وحي السيدين كريم بلقاسم ومحمد بوضياف) (٣) لكنه لايقدم أي دليل على ذلك. وقد اعتبره السيد أحمد بن بلة إجراءاً استفزازياً ورفض حتى مجرد مناقشته ثم غادر قاعة الاجتماع. أما السيدان آيت أحمد وبوضياف فإنهما وجدا فيه حلاً صائباً للأزمة القائمة بين الحكومة وقيادة الأركان العامة في حين أبدى السيد محمد خيضر معارضة شديدة له، وعلى سبيل الاحتجاج قدم استقالته التي كانت إيذاناً بانتهاء الحكومة وإعلاناً عن وقوفه رسمياً إلى جانب ابن بلة وقيادة الأركان العامة.

لم تكن لهذا الصراع أسس أيديولوجية، ولم يكن من أجل الدفاع عن مصالح الثورة، ولذلك فإن المساعي باءت بالفشل، واليوم، وبعد أكثر من ثلاثين سنة من وقوع الحادث نستطيع الجزم بأنه، في لحظة من اللاوعي واللاشعور، تمكن من القضاء على مكتسبات وطنية تطلب تحقيقها كثير من التضحية، وفي مقدمة تلك المكتسبات وجود وحدة الشعب الجزائري التي لم يجبر كسرها بعد ذلك الحين. ومن جهة ثانية أن الصراع على السلطة قد أهمل الجانب الأيديولوجي وحرم الجماهير الشعبية الواسعة من المشاركة الفعلية في مناقشة مشروع المجتمع المزمع تجسيده على أرض الواقع.

إن المعتقلين التاريخيين الأربعة (٤) يتحملون أكبر قسط من المسؤولية فيما


(١) ابن طوبال (لخضر) الحديث المذكور سابقاً.
(٢) هؤلاء الممثلون هم الدكتور سعيد حرموش، الرائد رابح زراري والرائد عبد المجيد كحل الرأس.
(٣) حربي، ج ت والسراب والواقع، ص٣٥٢.
(٤) لأن الخامس وهو السيد رابح بيطاط كان معتقلاً في الجزائر ولم ينضم إليهم إلا في الأشهر الأخيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>