للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقع من مشاكل زائفة أفرغت الثورة من محتواها الحقيقي وفتحت أبواب القيادة واسعة للخونة والانتهازيين على اختلاف أنواعهم. وأول مايعاب على أولئك التاريخيين عجزهم عن التفاهم فيما بينهم وهم في سجن واحد وأمام عدو واحد ومصير واحد ورغم تشبعهم بأيديولوجية واحدة.

أما عيبهم الثاني فيتمثل في عدم قدرتهم على توظيف فترة اعتقالهم التي بلغت خمسة وستين شهراً لوضع مشروع مجتمع متكامل وبرنامج عمل شامل قصد مواجهة الفترة الموالية لوقف إطلاق النار واسترجاع الاستقلال الوطني، وإذ لم يفعلوا كل ذلك فإنه كان عليهم أن يتعففوا ويتركوا مسؤولية القيادة لمن برهنوا على أنهم أهل لها.

وعلى إثر انفضاض اجتماع الحكومة المؤقتة بالطريقة المشار إليها أعلاه، توجه السيد محمد خيضر في اليوم السابع والعشرين من شهر جوان إلى الرباط، وفي اليوم الموالي طار ابن بلة إلى القاهرة التي لن يغادرها إلا ليلتحق بصاحبه في اليوم التاسع من شهر جويلية. أما الحكومة المؤقتة فإنها دخلت إلى العاصمة يوم الإعلان عن استرجاع الاستقلال الوطني وهي مبتورة الأعضاء بفعل تمرد بعضهم واستقالة بعضهم الآخر (١).

وبعد ذلك التاريخ بأسبوع، شرع السيد أحمد بن بلة في تنفيذ انقلابه الذي كلف الجزائر آلاف القتلى والجرحى بالإضافة إلى تهميش مئات الإطارات ممن دللوا، في الميدان وفي وقت الشدة، على تحليهم بالكفاءة والنزاهة والالتزام. وكانت أول محطة هي تلمسان التي بدأت تستقبل أنصاره منذ اليوم الحادي عشر من شهر جويلية والتي وقع عليها الاختيار لكونها الولاية التي بها مسقط رأسه (٢) ولأن واليها السيد أحمد مدغري الذي يعتبر من العناصر الأكثر وفاء للعقيد هواري بومدين. وفي اليوم السابع عشر من نفس الشهر اجتمع بقادة الولايات في مدينة الشلف الحالية وطلب منهم تزكية المكتب السياسي الذي اقترحه على المجلس الوطني ولم يحصل إلا على واحد وثلاثين صوتاً من جملة ستة وستين.

ومن الجدير بالذكر أن الولاية الثالثة أعطت موافقتها شريطة استبدال السيد محمدي سعيد بالسيد بلقاسم كريم (٣). وبينما اقترحت الولاية الرابعة تكوين المكتب السياسي مؤقتاً من قادة الولايات وتكليفها فقط بتحضير المؤتمر الوطني


(١) فارس (عبد الرحمن)، ص١٣٥.
(٢) السيد أحمد بن بلة من مواليد مدينة مغنية الواقعة في ولاية تلمسان على الحدود الجزائرية المغربية.
(٣) حربي (محمد) جبهة التحرير الوطني، ص٣٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>