ميداني شارك فيه القادة العسكريون والمدنيون إنما وقع في شهر يناير (كانون الثاني) سنة ١٩٤٥.
ج - إقدام عامل عمالة قسنطينة السيد لاستراد كربونال (Carbonnel Lestrade) على تكوين فصائل الميليشيا بنواحي برج بوعريريج، وذلك ابتداء من شهر ديسمبر (تشرين ثاني) سنة ١٩٤٤. وعلى إثر فترة
التدريب تم تعين القادة ووزعت الأسلحة وأعطيت التعليمات التي كانت تتلخص في العمل من أجل هدف واحد هو إبادة إطارات ومناضلي حزب الشعب الجزائري (٨٥).
إن بعض المحللين السياسيين، اليوم، يلقون باللائمة على قيادة حزب الشعب الجزائري متهمين إياها بالتهور وعدم الوعي بالأخطار التي عرضت لها عشرات آلاف الجزائريات والجزائريين. إن هذا الموقف، مهما كانت دوافعه، غير سليم خاصة عندما نعرف أن القيادة المذكورة كانت، فعلاً، مصممة على إشعال فتيل الثورة كإجراء أخير من أجل إرغام فرنسا على التسليم بحق الشعب الجزائري في تقرير مصيره بنفسه؛ لكن الثامن من مايو لم يكن هو اندلاع الثورة بل إنه، على غرار الفاتح من نفس الشهر، كان، فقط استظهاراً لما تتوفر عليه الحركة الوطنية الجزائرية من قدرة على تعبئة الجماهير الشعبية وتجنيدها، ومنبهة للحكومة الفرنسية وللحلفاء على درجة النضج التي بلغها الجزائريون الذين أصبحوا تواقين للحرية والانعتاق.
ومما لاشك فيه أن الإدارة الاستعمارية كانت تدرك كل ذلك، كما أنها كانت تعلم أن قيادة حزب الشعب الجزائري التي أمرت بتنظيم المسيرات الشعبية تخليداً لانتصار الديمقراطية في العالم، قد أصدرت في ذات الوقت تعليماتها الصارمة لجميع المناضلين كي لايحملوا معهم أي نوع من أنواع السلاح حتى يظل التظاهر سلمياً وللغرض المشار إليه أعلاه فقط لكن الأهداف الاستعمارية كانت مسطورة من قبل وكانت المسيرة هي المصيدة على حد تعبير السيد فرحات عباس (٨٦).
لقد كان الثامن من مايو سنة خمس وأربعين وتسعمائة وألف يوم ثلاثاء، وبحكم تواجد معظم الميليشيات في المحور الرابط بين برج بوعريريج ومدينة سطيف، فإن هذه الأخيرة قد اختيرت من طرف الإدارة الاستعمارية لتكون منطلق المجزرة الرهيبة التي لاشك في أنها كانت من تخطيط وتنفيذ السلطتين المدنية والعسكرية في الجزائر، وبمباركة حكومة باريس التي كانت برئاسة