للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجنرال ديغول في ذلك الوقت (٨٧).

إن كل المصادر التاريخية بما في ذلك تقرير الجنرال تيبار (Tubert)(٨٨)، يثبت أن نائب عامل الولاية في سطيف قد أبدى موافقته الشفاهية للوفد الذي ذهب إليه يلتمس الإذن لتنظيم مسيرة شعبية تتوج بوضع أكليل من الزهور على قبر الجندي المجهول.

وفي مدينة قالمة، أيضاً، حصل فرع حركة أحباب البيان والحرية على ترخيص من نائب عامل العمالة. وللتذكير، نشير إلى أن عامل الولاية هو لاستراد كريونال، المشرف العام على فرق الميليشيا. وبالموازاة مع الترخيص فإن نائبي عامل الولاية قد أمرا محافظي الشرطة وضباطها بخلق الفرص لإطلاق النار قصد تفجير الأوضاع وتمكين الكولون والأجناد من ارتكاب الجريمة.

ولم يكن عامل ولاية قسنطينة هو المهندس الوحيد لعمليات القمع الإجرامية رغم أنه كان، بواسطة نائبيه في سطيف وقالمة، معلناً على بداياتها ومسؤولاً على تأجج نيرانها، ولكن مصادر التاريخ فيما بعد، قد أثبتت أن كربونال كان ينشط تحت الإشراف المباشر لسكرتير عام الولاية العامة السيد روني قازان (Rene Gazagne) الذي كان واحداً من دعاة اللجوء إلى العنف لاستئصال الحركة الوطنية في الجزائر (٨٩) والذي كان، إلى جانب غلاة الكولون، قد قام باتصالات واسعة النطاق في فرنسا من أجل ضمان مساندة مجموعة من أصحاب الحل والربط في حكومة باريس.

ولقد كان الكولون وأعوانهم يعتقدون أن التقتيل الأعمى سيمكنهم من القضاء نهائياً على قواعد حزب الشعب الجزائري، ومن زرع الرعب في نفوس كل الجزائريين، قصد صدهم عن مجرد التفكير في محاولة العمل على ضرب المصالح الاستعمارية في الجزائر. ومن الغريب أنهم استطاعوا، بكل سهولة، أن يرسخوا ذلك الاعتقاد في أذهان عدد كبير من أصحاب القرارومن القريبين منهم في أوساط الحكم الفرنسي على اختلاف أنواعه.

فن هذا الباب كان التخطيط للجريمة محكماً، تبناه الجنرال ديغول في أعلى قمة الهرم، وأشرف على تنفيذه من بعيد وزير الحرب الفرنسي آنذاك، السيد تييون (Tillon) الذي كان من الأعضاء البارزين في قيادة الحزب الشيوعي الفرنسي (٩٠).

ومما يدل دلالة قاطعة على أن القمع كان مبيتاً وأن الإدارة الاستعمارية

<<  <  ج: ص:  >  >>