بينما نحن عند شريح إذ جاءت امرأة فقالت أيها القاضي مر الناس يسكتوا حتى تسمع مقالتي قال فسكت الناس ثم قالت أيها القاضي إن لي ما للرجال وما للنساء قال شريح فإن أمير المؤمنين يقضي على ما سبق البول قالت فإني أبول بهما جميعا وأستمسك بهما جميعا فقال شريح إن هذا لعجب فقالت المرأة أخبرك بما هو أعجب من هذا إن زوجي ابن عمي ولدت منه أولادا اشترى لي جارية تخدمني فأولدتها
فقام شريح يجر رداءه على علي بن أبي طالب فقال يا أمير المؤمنين عجيبة وأخبره بالقصة قال فدعا علي المرأة فأخبرته خبرها فقال أدعوا لي دينارا الخصي وكان من أفاضل أهل الكوفة وامرأتين عفيفتين ثم قال لهم أدخلوا هذه المرأة بيتا فانزعوا عنها ثيابها ما خلا ثيابا عليها وعدوا أضلاعها الأيمن والأيسر وأصدقوني قال ففعلوا بها ما أمرهم وخرجوا فقالوا يا أمير المؤمنين وجدنا أضلاعها اليمنى ثمانية عشر وأضلاعها اليسرى سبعة عشر فكبر علي ثلاثا ثم قال علي بالحلاق فأمر بحلق رأس المرأة وألبسها الرداء والنعل وألحقها بالرجال
فسمع بذلك زوجها فجاء يشتد فقال يا أمير المؤمنين فضحتني امرأتي وبنت عمي ولي منها أولاد ألحقتها بالرجال فقال علي قضيت فيها بما قضي الله تعالى في آدم وحواء إن الله لما خلق آدم جعل أضلاعه اليمنى ثمانية عشر واليسرى ثمانية عشر ثم أخذ ضلعا من أضلاعه فخلق منها حواء فأضلاع النساء تامة وأضلاع الرجال تنقص
[٣١ - محمد بن معاذ بن محمد خال عبد السلام بن محمد بن الهيصم]
تفقه على أبيه معاذ بن محمد وصحب محمد بن الهيصم وتخرج به في علم الأصول واشتهر بحسن التذكير
وتوفي مستهل المحرم سنة خمس وعشرين وأربعمائة
وكان يتمنى مفارقة الدنيا قبل دخول السنة لأنها كانت مبدأ الفتن التركمانية واستيلائهم وشنهم الغارات والسبي والقتل