المؤمنين القادر بالله في ربيع الأول سنة خمس وتسعين وثلاثمائة وكان المجلس غاصا بمشايخ بغداد ورؤسائها وأعيانها والكبار من غرباء الحجيج ورؤسائهم فأشير عليه بأن يذكر فصلا فقال الحمد لله ذي العزة القاهرة والحجة الباهرة والنعم المتظاهرة الذي عم إحسانه ودام سلطانه ولطف شأنه فلا راد لقضائه ولا مانع لعطائه ولا معقب لحكمه ابتعث محمدا صلى الله عليه وسلم من خير أرومة العرب مولدا وأفضل جراثيمها محتدا وأطولها نجادا وأرسخها في المكرمات أوتادا فأيده بأحسن التأييد وأكد أمره بأفضل التأكيد حتى استقل به الدين ناهضا وانخزل الإشراك داحضا وظهر أمر الله والمشركون كارهون فعليه صلوات الله عدد الرمل والحصى وما طلعت عليه شمس الضحى وعلى آله الطيبين ثم قيض الله من بعده الخلفاء الراشدين لتمهيد الدين وتوهين كيد الملحدين فبسطوا للإسلام بساطه وأنهجوا لأهل الآفاق صراطه إلى أن تأدى الأمر إلى ذويه من آل رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنو صنو أبيه فأقاموا الإسلام عن أوده وأسندوا الأمر إلى مستنده معتصمين بنصر الله صادعين بأمر الله معظمين حرمات الله هلم جرا إلى أن تأكدت بيعة الخلافة بأمير المؤمنين القادر بأمر الله فبهر نوره العالمين وشفى ذكره صدور المخلصين بعد النواء عليه من بعض ذوي العناد وانزوى عنه من قصد الفساد والله سبحانه أبى إلا نصرة الحق وإدالته وقمع الباطل وإزالته ولو كره المشركون
فلما فرغ منها ارتضاها أمير المؤمنين وأمر بنسخها ليخلد في الخزانة وأمر بانصرافه إلى خراسان مكرما ولما وصل إلى نيسابور تلقاه الأئمة من الفرق مستقبلين وعقد له مجلس التذكير وحضره الأئمة وارتضوا كلامه ثم غاب عن البلد مرة في أيام الفترة وعاد في آخر عمره وتوفي سنة وأربعين وأربعمائة
[١١٩٢ - أبو الحسين الفارسي]
عبد الغافر بن محمد بن عبد الغافر بن أحمد بن محمد بن سعيد الفارسي أبو الحسين الجد الثقة الأمين الصالح الصائن المحظوظ من الدين والدنيا الملحوظ من الله تعالى بكل نعمى كان في صباه من أولاد المياسير والثروة والنعمة والمروءة تقدم ذكر أبيه أبي عبد الله محمد وأخيه أبي بكر أحمد