للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَفَعَلُوا ذَلِكَ كَانَ تَعْذِيبُهُ تَأَلُّمَهُ بِمَا يَرَاهُ مِنْهُمْ مِنْ مُخَالَفَةِ أَمْرِهِ وَإِقْدَامِهِمْ عَلَى مَعْصِيَةِ رَبِّهمْ.

(أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُشْرِكِينَ) [أبو داود].

مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَأْمَنْ عَلَى دِينِهِ.

(إنا معاشر الأنبياء لا نورث) [البخاري].

قِيلَ: الْحِكْمَةُ فِي كَوْنِهِ لَا يُورَثُ: لِكَوْنِ النَّبِيِّ كَالْأَبِ لِأُمَّتِهِ، فَيَكُونُ مِيرَاثُهُ لِلْجَمِيعِ، وَهَذَا معنى الصَّدَقَة الْعَامَّة.

(أن تلد الأمة ربتها) [البخاري].

أرجح ما قيل في تفسيره أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ:

(الْأَوَّلُ): قَالَ الْخَطَّابِيُّ: مَعْنَاهُ اتِّسَاعُ الْإِسْلَامِ، وَاسْتِيلَاءُ أَهْلِهِ عَلَى بِلَادِ الشِّرْكِ، وَسَبْيُ ذَرَارِيِّهِمْ، فَإِذَا مَلَكَ الرَّجُلُ الْجَارِيَةَ وَاسْتَوْلَدَهَا كَانَ الْوَلَدُ مِنْهَا بِمَنْزِلَةِ رَبِّهَا، لِأَنَّهُ وَلَدُ سَيِّدِهَا، قَالَ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ إِنَّهُ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ.

(الثاني): بِأَنَّ الْإِمَاءَ يَلِدْنَ الْمُلُوكَ، فَتَصِيرُ الْأُمُّ مِنْ جُمْلَةِ الرَّعِيَّةِ وَالْمَلِكُ سيد رَعيته.

(الثَّالِثُ) أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ حُرًّا مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا بِوَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ رَقِيقًا بِنِكَاحٍ أَوْ زِنًا، ثُمَّ تُبَاعُ الْأَمَةُ فِي الصُّورَتَيْنِ بَيْعًا صَحِيحًا، وَتَدُورُ فِي الْأَيْدِي حَتَّى يَشْتَرِيَهَا ابْنُهَا أَوِ ابْنَتُهَا.

(الرَّابِعُ): أَنْ يَكْثُرَ الْعُقُوقُ فِي الْأَوْلَادِ، فَيُعَامِلُ الْوَلَدُ أُمَّهُ مُعَامَلَةَ السَّيِّدِ أَمَتَهُ مِنَ الْإِهَانَةِ بِالسَّبّ ونحوه.

(انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً) [البخاري]

ذَكَرَ الْمُفَضَّلُ الضَّبِّيُّ فِي كِتَابِهِ الْفَاخِرِ: أَنَّ أَوَّلَ مَنْ قَالَ: (انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا) جُنْدُبُ بْنُ الْعَنْبَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ، وَأَرَادَ بِذَلِكَ ظَاهَرَهُ، وَهُوَ مَا اعْتَادُوهُ مِنْ حَمِيَّةِ الْجَاهِلِيَّةِ، لَا عَلَى مَا فَسَّرَهُ النَّبِيُّ ، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ شَاعِرُهُمْ:

إِذَا أَنَا لَمْ أَنْصُرْ أَخِي وَهْوَ ظَالِمٌ ..... عَلَى الْقَوْمِ لَمْ أَنْصُرْ أَخِي حِينَ يظلم

(إنكن صواحب يوسف) [البخاري]

وَالْمُرَادُ أَنَّهُنَّ مِثْلُ صَوَاحِبِ يُوسُفَ فِي إِظْهَارِ خِلَافِ مَا فِي الْبَاطِنِ، ثُمَّ إِنَّ هَذَا الْخِطَابَ وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ فَالْمُرَادُ بِهِ وَاحِدٌ وَهِيَ عَائِشَةُ رضي الله

<<  <   >  >>