للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَأَمَّا أَمْرُ الْخَطِيبِ بِالْإِفْرَادِ: فَلِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْعِصْيَانَيْنِ مُسْتَقِلٌّ بِاسْتِلْزَامِ الْغَوَايَةِ، إِذِ الْعَطْفُ فِي تَقْدِيرِ التَّكْرِيرِ، وَالْأَصْلُ اسْتِقْلَالُ كُلٍّ مِنَ الْمَعْطُوفَيْنِ فِي الْحُكْمِ وَيُشِيرُ إِلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) فَأَعَادَ: (أَطِيعُوا) فِي الرَّسُولِ، وَلَمْ يُعِدْهُ فِي (أُولِي الْأَمْرِ) لِأَنَّهُمْ لَا اسْتِقْلَالَ لَهُمْ فِي الطَّاعَةِ كَاسْتِقْلَالِ الرَّسُولِ .

(إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير) [البخاري].

١ - قيلَ: الْمَعْنَى لَيْسَ بِكَبِيرٍ فِي الصُّورَةِ، لِأَنَّ تَعَاطِيَ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى الدَّنَاءَةِ وَالْحَقَارَةِ، وَهُوَ كَبِيرُ الذَّنْبِ.

٢ - وَقِيلَ: لَيْسَ بِكَبِيرٍ فِي اعْتِقَادِهِمَا، أَوْ فِي اعْتِقَادِ الْمُخَاطَبِينَ، وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ كَبِيرٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ).

٣ - وَقِيلَ: لَيْسَ بِكَبِيرٍ فِي مَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ، أَيْ كَانَ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِمَا الِاحْتِرَازُ مِنْ ذَلِكَ.

٤ - وَقِيلَ: لَيْسَ بِكَبِيرٍ بِمُجَرَّدِهِ، وَإِنَّمَا صَارَ كَبِيرًا بِالْمُوَاظَبَةِ عَلَيْهِ، وَيدل على ذَلِكَ السِّيَاقُ، لِلْإِتْيَانِ بِصِيغَةِ الْمُضَارَعَةِ بَعْدَ حَرْفِ (كَانَ).

(أهريقوا علي سبع قرب) [البخاري]

قَالَ الْخَطَّابِيُّ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ خَصَّ السَّبْعَ تَبَرُّكًا بِهَذَا الْعَدَدِ، لِأَنَّ لَهُ دُخُولًا فِي كَثِيرٍ مِنْ أُمُورِ الشَّرِيعَةِ وَأَصْلِ الْخِلْقَةِ.

(اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم) [البخاري].

الحكمة من الاستعاذة من الدين:

أ - لِأَنَّهُ فِي الْغَالِبِ ذَرِيعَةٌ إِلَى الْكَذِبِ فِي الْحَدِيثِ، وَالْخُلْفِ فِي الْوَعْدِ مَعَ مَا لِصَاحِبِ الدَّيْنِ عَلَيْهِ مِنَ الْمَقَالِ.

ب - وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنَ الدَّيْنِ: الِاسْتِعَاذَةُ مِنْ الِاحْتِيَاجِ إِلَيْهِ، حَتَّى لَا يَقَعَ فِي هَذِهِ الْغَوَائِلِ.

ج - أَوْ مِنْ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى وَفَائِهِ، حَتَّى لَا تَبْقَى تَبِعَتُهُ.

(والذي يقرأ القرآن وهو عليه شاق له أجران) [أحمد والترمذي]

الأظهر يضاعف له أجره، والأجر الأول أعظم.

(آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان) [البخاري].

<<  <   >  >>