للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذ كان المراد بالزينة هنا هو الثياب الساترة حال الطواف، فيقال وكذلك الصلاة؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

قال الشنقيطي: «﴿عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ سواء كان المسجد الحرام للطواف، أو غيره من المساجد للصلاة، وكون الزينة لبس اللباس للطواف والصلاة» (١).

أو يقال: إن الستر لم يجب لذات المسجد، وإنما لما عُظِّم المسجد لأجله، وهو الطواف، وكذا الصلاة داخلة في ذلك، ويدل عليه كذلك سياق الآية.

قال تعالى: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ [النور: ٣١].

أمر الله النساء بإخفاء زينتهن عن الرجال الأجانب، واستثنى الظاهرة.

واختلف العلماء في المراد بالزينة الظاهرة، هل المقصود منها أعضاء محددة، أم المقصود بها ما لا يملك ظهوره، وهذا مأخذ الحكم وسبب الخلاف.

فقيل: المراد بها: الوجه والكفان، وهو مذهب الجمهور.

وقيل: إن المراد بها الثياب، وهذا مذهب الحنابلة.

وأيد الجمهور قولهم بحديث عائشة أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها رسول الله ، وقال: (يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم تصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا، وأشار إلى وجهه وكفيه) (٢).

وقالوا هذا تحديد لما يجوز كشفه من المرأة، وهو يدل على أنه ليس بعورة، فدلَّ على أنه هو المراد بالاستثناء في الآية.


(١) العذب النمير (٣/ ١٥٤)
(٢) أخرجه أبوداود في كتاب اللباس، باب فيما تُبدي المرأة من زينتها، برقم (٤١٠٤)، وحسنه الألباني.

<<  <   >  >>