للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ [البقرة: ٢٦٧]

استدل بالآية على عدد من الأحكام:

• الحكم الأول: الانفاق منه ما هو واجب، ومنه ما هو مستحب، وقد اختلف العلماء في المراد بالإنفاق الوارد في الآية.

فقيل: هو الزّكاة المفروضة. وقيل: صدقة التطوع. وقيل: لهما جميعًا.

ومأخذ الخلاف: يرجع في دلالة صيغة الأمر ﴿أَنْفِقُوا﴾ فمن قال بأنّها على أصلها وظاهرها، فقال بوجوب الإنفاق، والواجب هو الزّكاة المفروضة، وتحمل الآية عليها.

وأيدوا قولهم بالنّهي الوارد في سياق الآية عن الإنفاق من الرّديء -كما سيأتي- والنّهي خاص بالواجب، فنهى عن إنفاق الرّديء فيها بدل الجيد.

أمّا التّطوع فللمرء أن يتطوع بالنازل في القدر.

أمّا القائل بأنّ الأمر للنّدب، فصرفه عن الوجوب بسبب نزول الآية، -كما سيأتي-.

قال القرطبي: «والرّديء منهي في النفل كما هو منهي عنه في الفرض، والله أحق من اخْتِيرَ له» (١).

ومأخذ القائل بأنّ الإنفاق للفرض والتّطوع: عموم اللفظ في قوله: ﴿مَا كَسَبْتُمْ﴾ و ﴿مَا﴾ اسم موصول دالّ على العموم، والعبرة به لا بسبب النّزول.


(١) الجامع لأحكام القرآن (٣/ ٣٢١).

<<  <   >  >>