﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ﴾ قالوا: لو أن أحدكم أهدي إليه مثل ما أعطى، لم يأخذه إلا على إغماض أو حياء. قال: فكنا بعد ذلك يأتي أحدنا بصالح ما عنده) (١).
مأخذ الحكم: أمّا وجوب الإنفاق من الطّيب فللأمر في قوله: ﴿أَنْفِقُوا﴾ مع مفهوم الصفة في قوله: ﴿مِنْ طَيِّبَاتِ﴾ وهو أنّه لا يجوز الإنفاق من غير الطّيب، وهو الرّديء على ما سبق تفسيره.
ومفهومه: أن المال إن كان جميعه رديئًا جاز الإنفاق منه؛ لعدم حصول التيمم في ذلك، أمّا إن كان بعضه جيدًا وبعضه رديئًا، فلا يجوز القصد للخبيث.
هذا إذا حُمِل النهي على أصله وهو التّحريم، وقيل: هو للكراهة؛ لأنّ الخبيث فيه الرديء لا الحرام.
وقيل: إنّ السياق يدلّ عليه؛ لأنّه ﷾ حثهم على إنفاق أطيب أموالهم، لا أنه يحرم عليهم إنفاق الخبيث من التّمر أو الشّعير من القوت، وإن كانوا يقتاتون ما فوقه، وهذا إنما نزل في الأقناء التي كانت تعلق في المسجد فكانوا يعلقون، الحشف. قال الصيرفي: بعد أن ذكر ما سبق: فالمراد بالخبيث هنا الأردأ.
قلت: ولا يستبعد أن يكون الصارف هنا من التّحريم للكراهة؛ كونه من الآداب ومكارم الأخلاق.
(١) أخرجه الترمذي في كتاب تفسير القرآن عن رسول الله ﷺ، باب ومن سورة البقرة، برقم (٢٩٨٧) قال الشيخ الألباني: صحيح.