للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله تعالى: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ﴾ [الحشر: ٩]

استدل بعض العلماء بالآية على جواز تصدق الرجل بجميع ما يملكه.

قال القرطبي: «فإن قيل: وردت أخبار صحيحة في النّهي عن التصدق بجميع ما يملكه المرء.

قيل له: إنما كره ذلك في حق من لا يوثق منه الصبر على الفقر، وخاف أن يتعرض للمسألة إذا فقد ما ينفقه. فأما الأنصار الذين أثنى الله عليهم بالإيثار على أنفسهم، فلم يكونوا بهذه الصفة، بل كانوا كما قال الله تعالى: ﴿وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ﴾ [البقرة: ١٧٧]. وكان الإيثار فيهم أفضل من الإمساك. والإمساك لمن لا يصبر ويتعرض للمسألة أولى من الإيثار» (١).

ومأخذ الجواز هو: ثناء المولى على الفعل، والثناء على الفعل من الأساليب الشّرعية الدّالة على الجواز والمشروعية، والأصل فيه أنّه دائر بين الوجوب والنّدب، وهو هنا محمول على النّدب فيمن يصبر على البأساء والضراء.

قوله تعالى: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا﴾ [الإنسان: ٨]

استدل بالآية على استحباب إطعام المسكين واليتيم والأسير الكافر، وأن إطعام الأخير مما يتقرب به إلى الله، وذلك مخصوص بصدقة التّطوع.

مأخذ الحكم: مدح المولى الفعل، ووصفه أنّه من أفعال الأبرار كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (٥) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا (٦) يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (٧) وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا﴾ [الإنسان: ٥ - ٨].


(١) الجامع لأحكام القرآن (١٨/ ٢٧ - ٢٨).

<<  <   >  >>