ويحتمل أن يراد بالآية المطيق عامًا وإن كان عن تكلف ومشقة، فيدخل أصحاب الأعذار كالمسافر والمريض، ثم رفع منها حكم المطيق دون تكلف ولا مشقة بوجوب الصوم عليه كما سبق.
وقيل بأن العموم هنا لا يدخل فيه المسافر والمريض، بل يجب عليهم القضاء لقوله تعالى: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾
ويحتمل المراد بالآية المطيقون للصوم بالتكلف والمشقة من غير أهل الأعذار، كالشيخ الكبير والعجوز الكبيرة، وعلى هذا فالآية محكمة غير منسوخة، وبه قال ابن عباس ﵄، وهذا بناء على تقدير لا النافية، أي:(على الذين لا يطيقونه) أو على تأويل (يطيقونه) على معنى يتكلفون، وفي البخاري عن عطاء سمع ابن عباس ﵄ يقرأ (وعلى الذين يُطوّقونه فلا يطيقونه فدية طعام مسكين)، قال ابن عباس: ليست بمنسوخة، وهو الشيخ الكبير، والمرأة الكبيرة، لا يستطيعان أن يصوما، فيطعما مكان كل يوم مسكينا» (١).
وهذا قول صحابي ثابت عنه في تفسير آية، فهو حجة، ووجه هذا القول: هو اعتبار أن الفدية معادلة للصوم في مقام التخيير لما كان في أول الأمر مخيَّراً بين الصوم أو الفدية، فلما تعذر أحد البدلين في الشيخ الكبير وهو الصوم ثبت الآخر وهو الفدية.
• الحكم الثاني عشر: يلحق بالشيخ الكبير: الحامل والمرضع.
وقد ورد عن ابن عباس ﵄ أنه قال في قوله تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ قال: (وكانت رخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة وهما
(١) أخرجه البخاري في كتاب التفسير، باب ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ برقم (٤٥٠٥).