للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فائدة: قال ابن الفرس: «فليس في الآية دليل على تبدية الوصية على الدين، أو الدين على الوصية، ولكنه فهم بالسنة أن الدين أولى بالتقديم؛ لأن أداء الدين فرض، والوصية إنما هي تطوع، والفرض أولى من التطوع، ولو قال تعالى: (من بعد وصية يرصِي بها ودين) لتوهم أنَّ ذلك يجب باجتماعهما، فعدل إلى لفظ (أو).

ويحتمل أن يقال: ذكر الله الوصية قبل الدين؛ لأن الوصية أغلب وأكثر من الدين، فإنه يموت كثير من الناس ولادين عليهم، ولا يموت الإنسان غالباً إلا وقد وصى بوصية.

ويحتمل أن يقال: إن بيان الوصية كانت الحاجة إليه أكثر؛ لأن قضاء الدين من التركة مشهور، وقدَّم ذكر الوصيَّة لذلك» (١).

• الحكم الثاني: عدم جواز الإضرار بالوصية، وعدم نفوذها (٢).

مأخذ الحكم: مفهوم الحال من قوله في آخر الآية: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ﴾، فهو تقييد للوصية بعدم الإضرار بالورثة، أي جائزة حال كونها غير مضار بالورثة (٣).

والتحريم يؤخذ من سياق الآيات التاليات، حيث بيَّن سبحانه أن تلك القسمة وما يتبعها من أحكام الوصيَّة والدين ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ﴾ ثمَّ قال: ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾، وهذه أساليب تهديد ووعيد لا تقال إلا على من ارتكب محرماً.


(١) أحكام القرآن لابن الفرس (٢/ ٨٤ - ٨٥).
(٢) ينظر: تيسير البيان للموزعي (٢/ ٢٧٢).
(٣) ينظر: تفسير الرازي (٩/ ١٨٢).

<<  <   >  >>