للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تتمة: قال ابن الفرس: «ولم يخصص القدر الذي يجوز أن يوصي به من المال، كما لم يخصص قدر الدين، بل ظاهر العموم جواز الوصية بالقليل والكثير؛ لأن الخبر الصحيح من وصية سعد دلَّ على أنَّ الزيادة على الثلث غير جائزة، فيخصص العموم بذلك إذا كان هناك وارث معيَّن .. » (١).

وقال الموزعي: وقوله تعالى: ﴿غَيْرَ مُضَارٍّ﴾:

يحتمل أن يريد غير مضار في الوصيَّة والدَّين، فلا يزيد على الثلث، ولا يوصي بدين ليس عليه، فيكون دليلاً على تحريم الوصية بما زاد على الثلث.

ويحتمل أن يريد غير مضار في الدين فقط.

وهذا يرجع إلى قاعدة أصوليَّة، وهي الصفة إذا تعقبت جملاً، فهل تعمُّها، أو تختص بالأخير؟

والأول مذهب مالك والشافعي وأصحابهما، والثاني مذهب أبي حنيفة وأصحابه، ولكن قد دلَّ حديث سعد على رجوعه إلى الوصية أيضاً» (٢).

قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ﴾ [المائدة: ١٠٦].

نقل السيوطي وغيره عن مكي قوله: هذه الآية أشكل ما في القرآن إعراباً وحكماً (٣).


(١) أحكام القرآن لابن الفرس (٢/ ٨٥).
(٢) تيسير البيان (٣/ ٢٧٢ - ٢٧٣).
(٣) ينظر: الإكليل (٢/ ٦٧٥ - ٦٧٦)، وأحكام القرآن لابن الفرس (٢/ ٥٤١)، وتكلم الموزعي في تيسير البيان (٣/ ٢٢٢ - ٢٢٧) عن سبب صعوبتها، وبيان وجه مخالفة ظاهر الآية لقواعد شرعيَّة مقرَّرة، ثمَّ بيَّن أن الآية جارية على قوانين القياس، غير مخالفة له في شيء ..

<<  <   >  >>