لقد أمضيت نحو عامين (١٩٧٣ - ٧٥) في قراءة ما كتب عن التفسير ورجاله، ومراجعة الموسوعات والمعاجم والكتب التي تعنى بالسير والتراجم والتاريخ، كما راسلت عددا من أصدقائي الكثيرين خارج لبنان أسألهم عن مفسرين لإستكمال نقص في تراجمهم، وآخرين ممن ذكروا في مؤلفات تركية وفارسية.
ولما أذن الله في البدء بالعمل، كان لبنان - حيث أقيم - ينعم بجو من الحرية والاستقرار والطمأنينة، وكان مثقفوه، ومن على أرضه من كتاب العرب وأدبائهم، يواصلون نشاطهم الفكري الذي يشمل دنيا العرب وعالم الإسلام. ولكن الأحداث الجسام التي بدأت على أرضه الطيبة سنة ١٩٧٥، سلبته هذه الحرية، وحولت طمأنينته واستقراره إلى خوف واضطراب مستمرين، فكان علي - كالمئات مثلي - أن أغادر منزلي في بيروت إلى بعض القرى الجبلية، حيث وجدت الأمان ولم أجد الكتاب، ففقدت بذلك، كل الوسائل الكفيلة لمواصلة عملي الجاد في سبيل تأليف هذا المعجم.
وخلال تنقلي بين العاصمة والجبل، وسط سيل من القذائف والصواريخ من هذه الفئة وتلك، وما كان أكثرها يومذاك، فقدت مني بعض مصادر البحث، والرسائل الخاصة، والفهارس التي وضعتها بأسماء المفسرين، وكدت أتوقف عن العمل، ولكن المشجعات التي رافقتني هنا وهناك، كانت أعظم مما فقدت وأقوى من اليأس، وحفزتني على الإسراع والاستمرار، فأقدمت ولم أتردد، ومتى شاء سبحانه فالأمر ما شاء، جلت قدرته.
ولا أغالي إذا قلت أن سنوات العمل في هذا المعجم قد امتدت حتى شهر أيار ١٩٨٢، ولكن ما أن دفعت به إلى المطبعة ليخرج إلى عالم النور في العام نفسه، حتى كان الغزو الصهيوني البربري للبنان، ومن ثم محاصرته للعاصمة بيروت، فأوقف العمل على طبعه بعد أن تفرق المشرفون عليه أيدي سبأ. وظلت مخطوطة الكتاب أسيرة المطبعة إلى أن بعث الله من فك أسرها وأخرجها بهذا الثوب.
وقد سلكت في ترتيبه المنهج التالي:
• بدأت في ترجمة كل مفسر بذكر شهرته، أو اسمه إن لم يكن له شهرة، وبجانبه ولادته ووفاته، بالتاريخ الهجري والميلادي.
• يلي ذلك، اسم المترجم له، فاسم أبيه، فجده، فنسبته، فاختصاصه في غير علم التفسير، كالحديث، والأدب، واللغة الخ ... ثم مكان ولادته، ومراحل دراسته وما