نقل إلينا رواية كما نقل حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وأكثر الصحابة تفسرا هو عبد الله بن عباس حبر هذه الأمة كما اشتهر وصفه، وهو الذي دعا له الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقال:"اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ". وقد روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قد جمع عنه تفسير كامل. ولم يتفق مثل ذلك لغيره ممن عاشوا في الصدر الأول.
هذا ويمكن إجمال المراحل التي مر فيها التفسير منذ الصدر الأول حتى هذا التاريخ على الوجه التالي: -
المرحلة الأولى: وهي المرحلة التي كان ينزل فيها الكتاب وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يتولى بنفسه تبيينه للناس. وكان الصحابة رضوان الله عليهم يسألون عما كان يفوتهم فهمه من ألفاظه ومعانيه ومقاصده. ولما انتقل إلى جوار ربه، كانوا يتشاورون فيما بينهم في ذلك فيتفقون في فهم البعض منه ويختلفون في البعض الآخر، وكانوا يعتمدون في ذلك على القرآن نفسه وعلى ما رووه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو على اجتهادهم في ضوء ذلك كما علمهم الرسول أو على ما كانوا يستأنسون به مما هو وارد في أخبار أهل الكتاب ونصوصهم.
المرحلة الثانية: وتمثل هذه المرحلة عصر التابعين الذين جاؤوا بعد الصحابة وأخذ عن مشاهيرهم ما أثر عنهم وتلقوا عنهم التفسير ووسعوا دائرته حسب مقتضيات عصرهم وتطلب الظروف الإجتماعية والسياسية الناشئة فيه عن الفتوحات الإسلامية واتساع رقعة بلاد الإسلام وهيمنته السياسية والعسكرية، واعتناق الشعوب المختلفة الألوان والأجناس والألسنة لهذا الدين الحنيف واحتكاك المسلمين بغيرهم من ذوي الديانات والثقافات العريقة.
وقد برز في هذا العصر علماء أجلاء اعتنوا بالكتاب وبكل ما أثر عنه وكان من مجليهم: مجاهد بن جبر، وعطاء بن أبي رباح، وعكرمة مولى ابن عباس، والحسن البصري، ومسروق الأجدع، وسعيد بن المسيب، وأبو العالية، والربيع بن أنس،