للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بذاته، فهو موصوف غير مجهول، وموجود غير مدرك، ومرئي غير محاط به لقربه كأنك تراه، وقريب غير ملازق، وبعيد غير منقطع، يسمع ويرى وهو العلي الأعلى، وعلى العرش استوى تبارك وتعالى، ظاهر في ملكه وقدرته، وقد حجب عن الخلق كنه ذاته، ودلهم عليه بآياته، فالقلوب تعرفه والعقول لا تكيفه، وهو بكل شيء محيط، وهو على كل شيء قدير. (١)

وأصل كلمة ذات هي بمعنى صاحبة، وهي تأنيث كلمة "ذو". (٢)

ومن هنا أنكر بعض الأدباء -كما قال النووي - إطلاق ذات على الحقيقة، فهي عندهم بمعنى صاحبة، وقالوا: ليس لها في اللغة مدلول غير ذلك، وأنكر الكندي إطلاق المتكلمين وغيرهم الذات بمعنى النفس. (٣)

وأجاب الحافظ بأن الممتنع استعمالها بمعنى صاحبه، أما إذا قطعت عن هذا المعنى واستعملت بمعنى الإسمية فلا محذور لقوله تعالى: {إنه عليم بذات الصدور} الأنفال ٤٣، أي بنفس الصدور. (٤)

ولهذا قال البخاري -رحمه الله- (فذكر الذات باسمه تعالى) أي أقام الذات مقام اسمه تعالى. (٥)

قال شيخ الإسلام: " لفظ ذات تأنيث ذو، وذلك لا يستعمل إلا فيما كان مضافاً إلى غيره منهم يقولون: فلان ذو علم وذو قدرة، ونفس ذات علم وقدره، وحيث جاء في القرآن أو


(١) التوحيد لابن مندة ٣/ ٣٤.
(٢) تهذيب الاسماء واللغات للنووي ٢/ ١٦٣.
(٣) الفتح ١٣/ ٣٨٢.
(٤) المصدر السابق ١٣/ ٣٨٢.
(٥) شرح كتاب التوحيد للغنيمان ١/ ٢٤٣.

<<  <   >  >>