للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لغة العرب لفظ (ذو)، ولفظ (ذات) لم يجيء إلا مقروناً بالإضافة كقوله تعالى: {فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم} الأنفال ١، وقوله: {عليم بذات الصدور} الأنفال ٤٣، وقول خبيب -رضي الله عنه- (وذلك في ذات الإله) ونحو ذلك.

لكن لما صار النظار يتكلمون في هذا الباب قالوا: إنه لا يقال أنها ذات علم وقدرة ثم إنهم قطعوا هذا اللفظ عن الإضافة وعرفوه، فقالوا: الذات، وهو لفظ مولد ليس من لفظ العرب العرباء، ولهذا أنكره طائفة من أهل العلم كأبي الفتح ابن برهان (١)، وابن الدهان (٢) وغيرهما، وقالوا: ليست هذه اللفظة عربية.

ثم حدد -رحمه الله- أنها لفظة مولده كالموجود والماهية والكيفية (٣)، وقال: هذا اللفظ يقتضي وجود صفات تضاف الذات إليها. فيقال ذات علم وذات قدرة وذات كلام فإنه لا يمكن وجود شيء قائم بنفسه في الخارج لا يتصف بصفة ثبوتية أصلاً. (٤)

وهنا يتبين أن إطلاق الذات على الله ليس كإطلاق الصفات، أي أنه وصف له، وإنما المراد التفرقة بين الصفة والموصوف، وقد تبين مراد الذين يطلقون هذا اللفظ إنما يريدون نفس الموصوف وحقيقته، فلا إنكار عليهم في ذلك كما وضحه شيخ الإسلام رحمه الله تعالى.


(١) أحمد بن علي بن برهان، فقيه بغدادي يضرب به المثل في حل الإشكال (ت ٥١٨ هـ) الأعلام (١/ ١٧٣).
(٢) سعيد بن المبارك الأنصاري، عالم باللغة والأدب له تفسير وعناية بكتب اللغة (ت ٥٦٩ هـ) الأعلام (٣/ ١٠٠).
(٣) الوجود: مبدأ الآثار وهو الذي يمكن أن يخبر عنه. وضده المعدوم
الماهية: ما به الشيء هو هو، فهي حقيقة الشيء وأساسه وجوهره، وهي إما بسيطة أو مركبة.
الكيفية: هيئة قارة في الشيء لا يقتضي قسمةً ولا نسبةً لذاته.
انظر التعريفات للجرجاني (٢٤١، ٢٥٠، ٣٠٥).
(٤) الفتاوى ٦/ ٩٨ - ٩٩.

<<  <   >  >>